أقول : وهذه الاخبار قد اشتركت في الدلالة على تحريم اشتراط شيء للبقر والبذر كما عرفت ، ولم أقف على قائل بذلك إلا في كلام ابن الجنيد وابن البراج.
قال ابن الجنيد : ولا بأس باشتراك العمال بأموالهم وأبدانهم في مزارعة الأرض وإجارتها ، إذا كان على كل واحد قسط من المؤنة والعمل ، وله جزء من الغلة ، ولا يقول أحدهم : ثلث للبذر ، وثلث للبقر ، وثلث للعمل ، لان صاحب البذر يرجع اليه بذره ، وثلث الغلة من الجنس ، وهذا ربا ، فان جعلت البذر دينا جاز ذلك ، وقال ابن البراج : لا يجوز أن يجعل للبذر ثلثا وللبقر ثلثا.
والعلامة في المختلف بعد أن نقل عنهما ذلك واستدل لهما برواية أبي الربيع المروية في التهذيب قال : والوجه الكراهة ، ولا ربا هنا ، إذ الربا انما يثبت في البيع خاصة.
أقول : أنت خبير بان الدليل غير منحصر في رواية أبي الربيع المذكور ، لما عرفت من الروايات الصحيحة الصريحة في التحريم غيرها ، وعدم ظهور الوجه لنا في التحريم لا يدل على نفيه فلعل هنا علة لا يدركها فهمنا ، على أن ما ذكره من اختصاص الربا بالبيع خاصة قد تقدم ما فيه ، وأنه ثابت في غيره أيضا.
قال بعض مشايخنا المحدثين من متأخري المتأخرين في حواشيه على التهذيب : وقوله للبذر ثلثا وللبقر ثلثا يحتمل وجهين ، أحدهما أن يكون اللام للتمليك ، فالنهي لكونهما غير قابلين للملك ، وثانيهما أن يكون المعنى ثلث بإزاء البذر ، وثلث بإزاء البقر ، فالنهي لشائبة الربا في البذر ، وقال العلامة في المختلف : بالكراهة ، وابن البراج وابن الجنيد ذهبا إلى الحرمة ، ولا يخلو من قوة ، انتهى.
تتميم نفعه عميم في استحباب المزارعة والغرس ، وما يقال ويفعل وقت الحرث والزرع ونحو ذلك قد استفاضت الاخبار باستحباب الزرع ، فروى