واستثنى شيخنا الشهيد الثاني (رحمهالله عليه) في الروضة أن يكون المكره مضطرا إلى الإيداع ، قال : فيجب عليه إعانته عليه كالسابق ، وأشار به الى ما قدمنا ذكره في الصورة الخامسة.
نعم لو وضع يده عليها بعد زوال الإكراه مختارا ، فإنه يجب عليه حفظها ، باليد الجديدة ، لخبر «على اليد ما أخذت» (١).
لا من حيث الإكراه ، وهل تصير بذلك وديعة أم أمانة شرعية؟ قال في المسالك : يحتمل الأول ، لأن المالك كان قد أذن له ، واستثنا به في الحفظ ، غايته أنه لم يتحقق معه الوديعة ، لعدم القبول الاختياري ، وقد حصل الان ، والمقاربة بين الإيجاب والقبول غير لازمة ، ومن إلغاء الشارع ما وقع سابقا فلا يترتب عليه أثر ، ويشكل بأن إلغائه بالنظر الى القابض لا بالنظر الى المالك.
ثم قال : ويمكن الفرق بين وضع اليد اختيارا بنية الاستيداع ، وعدمه ، ويضمن على الثاني ، دون الأول ، إعطاء لكل واحد حكمه الأصلي ، انتهى.
أقول : والمسئلة لخلوها من النص لا تخلو من الاشكال ، وان كان ما ذكره أخيرا من التفصيل لا يخلو من وجه ، والله العالم.
الثالث ـ قال بعض المحققين : إذا استودع وجب عليه الحفظ ، ولا يلزمه دركها لو تلفت من غير تفريط ، أو أخذت منه قهرا نعم لو تمكن من الدفع وجب ولو لم يفعل ضمن ، ولا يجب تحمل الضرر الكثير بالدفع ، كالجرح وأخذ المال ، ولو أنكرها فطولب باليمين ظلما جاز الحلف صوريا ما يخرج به عن الكذب ، انتهى.
أقول : وتفصيل هذا الإجمال وبيان ما اشتمل عليه هذا المقال يقع في موارد أحدها أن ما ذكره من وجوب الحفظ عليه متى استودع أى قبل الوديعة مما لا ريب فيه ، ويدل عليه الاخبار المتقدمة الدالة على وجوب أداء الأمانة ،
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٤ ح ١٢.