نعم لو كان الأمين هو الساعي بها الى الظالم ، ولم يقدر بعد ذلك على دفعه ، فإنه لا يبعد ضمانه من حيث تفريطه في الحفظ بالسعاية اليه ، وبذلك صرحوا جازمين بالحكم المذكور ، بخلاف ما لو كان السعاية من غيره ، أو علم بها الظالم من غير سعاية أحد.
قالوا : ومثله ما لو أخبر اللص بها فسرقها وهو ظاهر فيما لو أخبره بمكانها ، أما لو أخبره بها في الجملة فإن ظاهر العلامة في التذكرة : أنه لا يضمن.
قال في المسالك بعد نقل ذلك عنه : ويشكل مع كونه سببا في السرقة لانه تفريط نعم لو لم يقصدها اللص فاتفقت مصادفته لها توجه ذلك ، وهذا بخلاف الظالم ، فإنه بعمله يضمن مطلقا ، والفرق أن الظالم إذا علم بها أخذها قهرا والسارق لا يمكنه أخذها إلا إذا علم موضعها ، انتهى.
أقول : وما ذكره في الفرق يرجع الى ما قدمناه من أنه لا يضمن في صورة إخبار السارق الا مع اخباره لمكانها فلا وجه لما ذكره من الاستشكال ودعوى الضمان بكونه سببا في السرقة وأنه تفريط ، فان ذلك لا يتم الا مع الاعلام بالمكان كما لا يخفى ، وبما ذكرناه في المقام يعلم ما في كلام بعض مشايخنا الاعلام من متأخري المتأخرين الكرام في بعض أجوبة مسائله من الغفلة في المقام ، حيث سأله السائل بما صورته إذا سأل الجائر هل عندك وديعة لفلان أم لا؟ فقال : نعم فأنفذ إلى داره وأخذها ، فهل يضمن الودعي أم لا؟ فان اعتذر بأن خاف الكذب فهل يعذر أم لا؟
فأجاب بما صورته أقول : هنا مسألتان : أما الاولى فلا يضمن الودعي بمجرد اخباره ـ إذا لم ينقلها اليه وان كان السبب في إتلافه إخباره بها ـ لكنه فعل محرما لإعانته على المعصية ، لأن الدال على الشر كفاعله ، وأما الثانية فالكذب هنا غير حرام بل واجب ، لحفظ مال المسلمين من التلف ، وقد ورد في الحديث أن الله يبغض الصدق في الإفساد كما يحب الكذب في الإصلاح ، انتهى.
فان فيه كما عرفت من كلامهم أنه متى كان هو الساعي بها الى الظالم والسبب