الثالثة : أن يطلق وقد صرح في المسالك بأنه يجب التوصل الى اذنه أو اذن وكيله ، فان تعذر رفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بذلك الى آخر ما تقدم في سابق هذه الصورة ، وقال العلامة في التذكرة : وان أطلق الإيداع ولم يأمره بالعلف والسقي ولم ينهه عنهما يجب على المستودع العلف والسقي ، لأنه التزم بحفظها ، ولانه ممنوع من إتلافها جوعا ، فإذا التزم حفظها تضمن ذلك علفها وسقيها ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يجب عليه العلف والسقي ، لأنه أستحفظه إياها ولم يأمره بعلفها ، وقد بينا الأمر الضمني ، انتهى.
وظاهر هذا الكلام أنه يجب على المستودع القيام بذلك كما في الصورة الاولى ، ولا فرق بينهما الا باعتبار كون الأمر في الأولى صريحا وفي هذه الصورة ضمنيا ، والا فهو مأمور في الصورتين ، وهو ظاهر في خلاف ما قدمنا نقله عن المسالك في هذه الصورة.
وأصرح منه في ذلك كلام المحقق الأردبيلي حيث قال : ثم ان الظاهر أن حكم الإطلاق هو حكم الأمر بالعلف والسقي ، لوجوبهما عليه ، فكأنه قال : وديعة عندك وأعلفها واسقها ، فالأمر الضمني فيها هنا موجود ، وحكمه حكم الصريح ، أشار إليه في التذكرة ، انتهى ، الا أنه قال في التذكرة أيضا بعد هذه المسئلة بلا فصل : مسئلة لا خلاف في أنه لا يجب على المستودع الإنفاق على الدابة والأدمي من ماله ، لأصالة البراءة والتضرر المنفي شرعا ، لكن ان دفع المالك إليه النفقة فذاك ، وان لم يدفع إليه فإن كان المالك قد أمره بعلفها وسقيها رجع به عليه ، لأنه أمره بالإنفاق على ماله فيما عاد نفعه عليه ، فكان كما لو ضمن عنه مالا يأمره وأداه عنه ، وان أطلق الإيداع ولم يأمره بالعلف والسقي ولانهاه فان كان المالك حاضرا أو وكيله ، طالبه بالإنفاق عليه ، أو أذن له بالمالك في الإنفاق ، فينفق ويرجع به ان لم يتطوع بذلك ، وان لم يكن المالك حاضرا ولا وكيله رفع الأمر إلى الحاكم ، الى آخر ما قدمنا ذكره