من أن كونه حلال المال مقيد بغير الامانة ، فيجب استثناؤها للاخبار الصريحة المذكورة.
وبالجملة فالحكم مما لا يخالف فيه سواه وظاهرهم القول بالفورية كما أشرنا إليه ، لأنه حق مضيق للادمى ، قالوا : والمراد بالإمكان ما يعم الشرعي والعقلي والعادي ، فلو كان في صلاة واجبة أتمها ، أو بينه وبينه مانع من مطر ونحوه صبر حتى يزول ، أو في قضاء حاجة ضرورية فإلى أن ينقضي ، وهل يعد أكل الطعام والحمام ، وصلاة النافلة وانقطاع المطر الغير المانع عذرا؟ وجهان : واستقرب في التذكرة العدم مع حكمه في باب الوكالة بأنها أعذار في رد العين إذا طلبها الموكل ، وينبغي أن يكون هنا أولى ، وحيث كان وجوب الرد فوريا فإنه يأتي بناء على ذلك ، وعلى أن الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده الخاص بطلان الصلاة الواجبة مع سعة الوقت لو حصل الطلب قبل الدخول فيها ، وكذا بطلان النافلة مطلقا ، وكذا بطلان جميع العبادات المنافية لذلك ، الا أن الظاهر عندي كما تقدم تحقيقه في كتب العبادات عدم ثبوت ما ادعوه ، من أن الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده الخاص ، بل قام الدليل على خلاف ذلك ، ولما فيه من لزوم الحرج والضيق المنفي بالآية والرواية.
قالوا : والمراد بوجوب الرد لا بمعنى مباشرته للرد وتحمل مؤنته ، كما ربما يظهر من بعض العبارات ، بل بمعنى رفع اليد عنها والتخلية بين المالك وبينها ، فلو كانت في صندوق مقفل فتحه ، وان كانت في البيت المغلق فكذلك ، وهكذا.
ولو أخر الدفع لأجل الإشهاد عليه فهل يكون ذلك عذرا مرتفعا به الضمان؟ أقوال : الأول نعم ، ليدفع عن نفسه النزاع واليمين لو أنكر المالك.
والثاني لا ، لان قوله في الرد مقبول ، فلا حاجة الى البينة ، ولأن الوديعة مبنية على الإخفاء غالبا.
الثالث التفصيل بأنه ان كان المالك وقت الدفع قد أشهد عليه بالإيداع