في صورة ما إذا أودع الجميع مع تعذر التمييز أو تعسره ، فهل يرد عليه الجميع لو طلبه أم لا ، أم يرجع فيه الى الحاكم ، ولعل الأقرب الى القواعد الشرعية رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي ، فيلزم الغاصب بالإقرار بالقدر المغصوب ، ويلزمه المقاسمة إن أمكن ولو بالصلح نيابة عن المالك ، والله العالم.
البحث الثاني في موجبات الضمان :
وهو دائر بين أمرين التفريط والتعدي فهنا مقامان الأول : التفريط ـ ويرجع الى ترك ما يجب عليه من الحفظ ونحوه ، وهو أمر عدمي بخلاف التعدي فإنه عبارة عما لا يجوز فعله كلبس الثوب وركوب الدابة ونحو ذلك ، وهو أمر وجودي والتفريط كان يطرحها في غير حرز أو يترك نشر الثوب الذي يتوقف حفظه على النشر أو يودعها غيره من غير ضرورة ، ولا اذن ، أو يسافر بها كذلك مع خوف الطريق وأمنه ، وطرح الأقمشة في المواضع التي تعفنها وترك سقي الدابة أو علفها مدة لا تصبر عليه في العادة فتموت ونحو ذلك.
والكلام هنا يقع في مواضع الأول ـ ما ذكر من أن من جملة أسباب الضمان أن يطرحها في غير حرز.
قالوا : ويجب تقييده بما إذا طرحها وذهب عنها ، أما لو بقي مراعيا لها بنظره لم يعد تفريطا لان العين حرز ، الا أن يكون المكان غير صالح لوضعها فيه بحسب حالها ، وهو نوع آخر من التفريط.
أقول : ما ذكر من التقييد المذكور لما كان شاذا نادرا صح الإطلاق ، لأن الإطلاق انما ينصرف الى الافراد المتكررة المتعارفة الشائعة كما تقدمت الإشارة إليه في غير موضع ، وكذا عد من أسباب الضمان تأخير الإحراز مع المكنة ، وقيده بعض المحققين بالتأخير الزائد على المتعارف ، قال : وأما إذا كان تأخيرا قليلا وفي الجملة على الوجه المتعارف فليس بموجب للضمان وهو جيد.