وما ذكر من التأويلات لا يخلو من التعسف ، وليس بعد ذلك الا ما ذكرناه. والله العالم.
الرابعة ـ قد صرح جملة من الأصحاب ، والظاهر أنه المشهور ، بجواز الحوالة على البريء للأصل ، فان الأصل الجواز ، والأصل أيضا عدم اشتراط شغل ذمة المحال عليه بمال المحيل.
والشيخ في المبسوط في أول كتاب الحوالة جوزها على من ليس عليه شيء للمحيل ، ثم قوى في آخره المنع ، ولم ينقل المنع هنا عن غير الشيخ.
قال في المسالك : ومبنى القولين على أن الحوالة هل هي استيفاء أو اعتياض؟ فعلى الأول يصح دون الثاني ، لأنه ليس على المحال عليه شيء يجعل عوضا عن حق المحتال.
أقول : لا يخفى أن الوارد من الاخبار في هذه المسئلة ، وهو ما قدمناه في سابق هذه المسئلة ، وليس غيره في الباب دالا بظاهر إطلاقه على صحة الحوالة ، أعم من أن يكون المحال عليه مشغول الذمة أو بريئا ، فالأظهر في الاستدلال على هذا الحكم هو الاستناد إلى إطلاق الاخبار المذكورة ، وعدم التعويل على هذه الاعتبارات المتكلفة ، والله العالم.
الخامسة ـ من شروط الحوالة رضى الثلاثة المتقدم ذكرهم ، وقد عرفت الكلام في الاتفاق على المحيل والمحتال ، والخلاف في المحال عليه.
ومنها كمالهم وعدم الحجر عليهم ، وأكثرهم لم يذكر هذا الشرط وكأنه لظهوره والاكتفاء بذكره في أمثال هذا المقام من الضمان ونحوه.
ومنها أنه يشترط ملاءة المحال عليه أو العلم بإعساره وقت الحوالة ، فلو قبل الحوالة جاهلا بحاله ثم بان إعساره وقت الحوالة كان له فسخ الحوالة ، والرجوع على المحيل ، ويدل عليه ما تقدم من رواية منصور بن حازم (١) ورواية أبي أيوب (٢). ولو كان وقت الحوالة مليا ثم تجدد له الإعسار فلا خيار ، وتدل عليه رواية عقبة بن جعفر المتقدمة (٣) ومفهوم الروايتين المذكورتين أيضا حيث منعتا من
__________________
(١) ص ٥٠.
(٢) ص ٥٠.
(٣) ص ٥١.