قول المستعير ، قال في الكتاب المذكور : إذا اختلف صاحب الدابة والراكب ، فقال الراكب : أعرتنيها ، وقال صاحبها : أكريتكها بكذا ، كان القول قول الراكب بيمينه ، وعلى صاحبها البينة ، وكذا إذا اختلف الزارع وصاحب الأرض فادعى الزارع العارية. وادعى صاحب الأرض الكرى ، فالقول قول الزارع قيل في توجيهه : انهما متفقان على أن تلف المنافع وقع في ملك المستعير ، لأن مقتضى كلام المالك أنه ملكها بالإجارة ، ومقتضى كلام المستعير أنه ملكها بالاستيفاء المستند إلى الإعارة ، فيده شرعية على كل من القولين ، والمالك يدعى عليه العوض عما استوفاه عن ملكه ، وهو ينكر استحقاقه ، والأصل براءة ذمته منه ، فيكون القول قوله بيمينه ، عملا بالقاعدة المنصوصة.
وذهب ابن إدريس وتبعه المحقق الى أن القول قول المالك في عدم العارية وان لم يقبل قوله في الإجارة ، قال ابن إدريس : لا يقبل قول المالك في قدر ما ادعاه من الأجرة ، ولا قول الراكب في العارية ، فالواجب أجرة المثل عوضا عن منافع الدابة ، وكذا البحث في الأرض إذا اختلف المالك والزارع.
وقيل في توجيه هذا القول : انه لا شك في أن المنافع أموال كالأعيان ، فهي بالأصالة لمالك العين ، فادعاء الراكب ملكيتها بغير عوض على خلاف الأصل وأصالة براءة ذمته كما تمسك به القائل الأول إنما يتم بالنسبة إلى خصوص ما ادعاه المالك من قدر الأجرة ، لا من مطلق الحق بعد العلم باستيفاء المنفعة التي هي من جملة أموال المالك وحقوقه ، والأصل يقتضي عدم خروجها عن ملكه إلا بعوض ، ومن أجل ذلك يكون القول قول المالك في عدم العارية ، لأن الراكب يدعي العارية والمالك ينكرها ، فيكون القول قوله بيمينه ، ولا يقبل قول المالك في ما يدعيه من الإجارة ، لأنه مدع أيضا يحتاج إلى البينة ، وحينئذ فإذا حلف المالك على نفي العارية كما هي وظيفته الشرعية لم تثبت الإجارة ، لما عرفت من أن ثبوتها يتوقف على البينة ، ولكن تثبت أجرة المثل ، لأن الراكب