وكيف كان فان ثبوت الأحكام الشرعية بمثل هذه التقريبات العقلية لا يخلو من المجازفة في أحكامه عزوجل التي قد استفاضت النصوص بالنهي عن القول فيها بغير علم منه عزوجل أو من نوابه (صلوات الله وسلامه عليهم).
ثم انه قال في المسالك تفريعا على ما اختاره من وجوب الأرش : وطريق معرفته أن ينظر إلى أجرة مثلها سليمة ومعيبة ، وينظر الى التفاوت بينهما ، ويرجع من المسمى بتلك النسبة ، ولا يخفى أنه متى اختار الفسخ فان لم يمض من المدة ماله أجرة فلا اشكال ، وان مضت مدة كذلك ، فعليه من المسمى بنسبة ذلك من المدة.
هذا كله فيما إذا كانت الإجارة واردة على عين ، أما لو كانت في الذمة ودفع له عينا معيبة فالواجب إبدالها ولا فسخ هنا ، الا أن يتعذر البدل لعدم وجوده أو لتغلب الموجر وعدم إمكان جبره فيفسخ المستأجر ، ويرجع الى ماله ، والله سبحانه العالم.
الرابعة والعشرون : الظاهر أنه لا خلاف في تضمين الصناع من المكارين والملاحين والقصارين وسائر الصناع لما جنته أيديهم ، سواء كان نقصا في العين أو تلفا ، وان كان حاذقا واحتاط واجتهد ، وانما الخلاف فيما لو تلفت بغير فعله. وغير تفريطه وظاهر جماعة منهم الشيخ المفيد والمرتضى القول بالضمان ، والمشهور وهو قول الشيخ وأتباعه وابن إدريس ومن تأخر عنه العدم.
قال الشيخ المفيد : القصار والخياط والصباغ وأشباههم من الصناع ضامنون لما جنته أيديهم على السلع ، ويضمنون ما تسلموه من المتاع الا أن يظهر هلاكه ويشتهر بما لا يمكن دفاعه أو تقوم لهم بينة بذلك ، والملاح والمكاري والجمال ضامنون للأمتعة الا أن تقوم لهم بينة بأن الذي هلك منه بغير تفريط منهم ولا تعد فيه ، وقال المرتضى : مما انفردت به الإمامية القول بأن الصناع كله كالقصارين والخياط ومن أشبههما ضامنون للمتاع الذي يسلم إليهم ، الا أن يظهر هلاكه ويشتهر