المطلب الرابع في جملة من أحكام التنازع
منها التنازع في أصل الإجارة ، والقول في ذلك قول المنكر منهما بيمينه ، سواء كان المالك أو الأجير ، لأن الأصل العدم ، والحكم اتفاقي نصا وفتوى ، بقي الكلام في أنه لا يخلو اما أن يكون هذا التنازع قبل التصرف واستيفاء المنافع كلا أو بعضا ، أو بعده ، وعلى الأول لا إشكال في رجوع كل مال الى صاحبه ، وعلى الثاني فلا يخلو اما أن يكون مدعى الإجارة المالك أو المتصرف ، فان كان المدعى المالك ، والحال أن المتصرف حلف على إنكار الإجارة ، انتفت الإجارة ، وعلى المتصرف أجرة المثل ، عوض ما تصرف فيه ، فان كان أجرة المثل زائدة على ما يدعيه المالك من المسمى في العقد بزعمه ، فإنه لا يجوز له أخذ الزيادة ، لاعترافه بأن المسمى في العقد أقل من ذلك ، فلا يستحق أزيد منه ، وان وجب على المتصرف دفعها لو لم يدفعها سابقا ، وحرمت المطالبة بها ان دفعها سابقا ، وان كان المسمى بزعم المالك زائدا على أجرة المثل ، فان هذه الزيادة تنتفي بانتفاء الإجارة بعد اليمين ، فليس للمالك طلبها ، ولا يجب على المنكر دفعها ، وان دفعها سابقا استرجعها ، وان كان مدعى الإجارة هو المتصرف ، والمالك ينكرها ، وينكر الاذن في التصرف مطلقا ، فقد عرفت أن القول قوله بيمينه ، وحينئذ إذا حلف انتفت الإجارة ، واستحق أجرة المثل لما تصرف فيه المستأجر بزعمه ، فله المطالبة بها ان لم يكن قبض قدرها سابقا ، وان زادت عن المسمى بزعم المستأجر ، لأن المسمى قد بطل بانتفاء الإجارة ، وصار الحكم هو أجرة المثل ، وأما لو زاد المسمى فإنه لا يجوز له أخذه لإنكاره الإجارة وبطلانها باليمين ، وان كان يجب على المستأجر دفعه لاعترافه به ، ولو قبض المسمى سابقا لم يكن للمستأجر المطالبة بالزائد لاعترافه به ، وان كان المالك يعترف أيضا بأنه لا يستحقه ، ويضمن المستأجر العين في هذه الصورة ، لثبوت كون التصرف غصبا ، بخلاف الأولى التي يدعي المالك فيها