المذكور بعين التأمل ، فإنه قلما يخلو حديث من أحاديثه من التغيير أو التبديل أو التحريف في السند أو المتن. والله العالم.
الخامس ـ قالوا : من أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه ، ولو كان قاتلا لزمه إحضاره أو دفع الدية. والوجه في وجوب الإحضار في كل من المسئلتين أنه بإطلاقه الغريم قهرا غاصب ، فعليه ضمان ما غصبه بإحضاره ، لأن اليد المستولية يد الشرعية مستحقة وبه يتحقق الغصب ، ويبتنى عليه الضمان بالإحضار.
وأما الوجه في أداء ما عليه في المسئلة الاولى فإنهم عللوه بأنه بإطلاقه له غصبا فاللازم له اما إرجاعه وتسليمه ، أو أداء ما عليه من الحق الذي بسببه ثبتت اليد عليه.
والظاهر أنه يبنى على ما تقدم في الكفيل الممتنع من الإحضار وتسليم المكفول ، فان قلنا بالتخيير بين الإحضار ودفع ما عليه ثم ما ذكروه هنا ، والظاهر أن القائل به هنا بنى على ذلك في تلك المسئلة.
وان قلنا : بأن الحق الذي اقتضته الكفالة انما هو الإحضار خاصة والرضى بما عليه معاملة أخرى ، تتوقف على التراضي لم يتجه ما ذكروه هنا من التخيير ، وبالنسبة إلى دفع الدية في المسئلة الثانية هو الحيلولة أيضا بينه وبين غريمه.
ولكن الظاهر تقييد ذلك بعدم التمكن من إحضاره وان كان ظاهر كلامهم الإطلاق ، ولم أقف في المقام على خبر الا ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن حريز (١) في الصحيح عن أبي عبد الله (عليهالسلام)» قال : سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه ، فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الأولياء ، فقال : أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل ، قيل فان مات القاتل وهم في السجن ، قال : فان مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول».
وهذا الخبر كما ترى ظاهر الدلالة ، في أن حكم المسئلة الثانية انما هو حبس من أطلق للقاتل حتى يحضره ، ولا تعرض فيه لما ذكروه من التخيير بين إحضاره ،
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٢٨٦ ح ١ ـ التهذيب ج ١٠ ص ٢٢٣ ح ٨ ـ الفقيه ج ٤ ص ٨٠ ح ١٥ الوسائل ج ١٩ ص ٣٤ : الباب ١٦.