المسئلة في شيء.
بقي قوله في تتمة الرواية ، «فإن قال» يحمل على قول الكفيل ، بمعنى أنه ان قال ذلك وألزم نفسه المبلغ المذكور لزمه ان لم يدفعه ، وما ربما يقال : ـ من أنه يخالف المشهور ، من أن مقتضى الكفالة أداء المال ان لم يحضر المكفول ـ مردود بما قدمنا ذكره ، من أن غاية ما يفهم من أخبارها المتقدمة انما هو إحضار المكفول خاصة ، غاية الأمر انهما إذا اصطلحا وتراضيا بدفع المال صح ذلك ، والا فالحق الذي أوجبته الكفالة انما هو الإحضار خاصة.
نعم يبقى الإشكال بالنسبة الى الخبر الثاني ، قال في الوافي ـ ونعم ما قال ، بعد ذكر الخبرين المتقدمين على الترتيب الذي قدمناه ونقله الرواية الأولى بما في الكافي ـ ما لفظه : بيان الفرق بين الصيغتين في الخبرين غير بين ولا مبين ، وقد تكلف في ابدائه جماعة من أصحابنا بما لا يسمن ولا يغني من جوع ، صونا لهما من الرد ، وقد ذكره الشهيد الثاني في شرحه للشرائع ، من أراد الوقوف عليه وعلى ما يرد عليه فليرجع اليه ويخطر بالبال أن مناط الفرق ليس تقديم الشرط على الجزاء وتأخيره عنه ، كما فهموه ، بل مناطه ابتداء الكفيل بضمان الدراهم من قبل نفسه مرة ، وإلزام المكفول له بذلك من دون قبوله أخرى كما هو ظاهر الحديث الأول والحديث الثاني ، وان كان ظاهره خلاف ذلك الا أنه يجوز حمله عليه ، فان قول السائل «فان لم يأت به فعليه كذا» (١) ليس صريحا في أنه قول الكفيل ، وعلى تقدير إبائه عن هذا الحمل يحمل على وهم الراوي ، أو سوء تقريره ، فان صدر الخبرين واحد ، والسائل فيهما واحد ، هذا على نسخة الكافي كما كتبناه.
وأما على نسخة التهذيب الذي نشأت فيها تكلفات الأصحاب فلا يتأتى هذا التوجيه ، فان الحديث فيه هكذا «رجل تكفل لرجل بنفس رجل ، فقال : ان جئت به والا فعلى خمسمائة درهم» الحديث ، والظاهر أنه من غلط النساخ والعلم عند الله. انتهى.
أقول : بل الظاهر انه من سهو قلم الشيخ ، فإنه لا يخفى على من نظر الكتاب
__________________
(١) الأظهر في العبارة ان نقول إلزام المكفول له الكفيل بذلك من دون قبوله ، ولعله سقط من النسخة التي عندنا. منه رحمهالله.