كابن إدريس على ما تقدم في كلامه ، وهو فرق بمجرد الدعوى لا يتحصل له فائدة ، ولهذا قال المحقق في نكت النهاية في رده : ان الشرط متقدم على المشروط طبعا فلا عبرة بتأخره وضعا ، ومنهم من علل ذلك بعلة ظنها وافية بالمراد ، خالية عن الإيراد ، كالشيخ (رحمة الله عليه) حيث ذكر أن السر في لزوم المال إذا قدمه براءة ذمة المضمون عنه ، فيمتنع الكفالة ، وإذا قدم الكفالة كان الضمان المتعقب لها لكونه معلقا على شرط باطلا ، ولمنافاة الضمان صحة الكفالة وهذا السر الذي أظهره ناش من عبارة العلامة في القواعد والإرشاد ، والمحقق في الشرائع (١) حيث أطلقوا لزوم المال في المسئلة الثانية ، وقد عرفت مما قدمنا ذكره أنه في الرواية مشروط بعدم إحضاره ، فتكون الكفالة أيضا صحيحة ، وان تأخرت عن ذكر المال.
هذا مع أنه مع تقديم المال قد جعل ضمانه مشروطا بعدم إحضاره ، فكيف يقال : ببراءة ذمة المضمون عنه حتى تمتنع كفالته؟ وما هذا الا رجوع الى فرق ابن إدريس الذي لم يجد نفعا ، ومع تقديم الكفالة قد ذكر في الرواية أنه ان جاء به الى الأجل فليس عليه مال ، ومفهوم الشرط أنه ان لم يجيء به لزمه المال ، فدل بمفهومه على خلاف ما ذكره الجماعة ـ وأبدأوه من الفرق الا أن لا يقولوا بمفهوم الشرط.
أقول : لا يخفى ان فهم هذا الحكم الذي ذكروه واختلفوا التفصي عن صحته من الرواية الأولى انما يتم على تقدير رواية الشيخ لها في التهذيب كما تقدم ذكره وأما على رواية الكافي فإن الظاهر أن القائل بقوله «ان جئت به والا فعليك خمسمائة درهم» انما هو المكفول له خاطب بذلك الكفيل ، كما هو ظاهر سياق الرواية ، وحينئذ فقوله (عليهالسلام) : «عليه نفسه ولا شيء عليه من الدراهم» ظاهر ، لان مقتضى الكفالة إحضار المكفول خاصة ، وما اشترطه عليه المكفول له لغو من القول ، لا عبرة به ، ولا أثر يترتب ، وحينئذ فلا تكون هذه الرواية من
__________________
(١) وانهم ذكروا أنه مع تقديم ذكر الكفالة في العبارة ، فالواجب الإحضار ، دون المال ، والرواية دلت بالمفهوم الشرطي على أنه ان لم يجيء بالرجل إلى الأجل فعليه المال فإطلاق لزوم الكفالة بمجرد تقديمها في العبارة لا وجه له لما دل عليه النص من التفصيل في ذلك. منه رحمهالله.