ما في حديث الرجم «فنشروا التوراة».
وليس المراد بكتاب مسطور القرآن لأن القرآن لم يكن يومئذ مكتوبا سطورا ولا هو مكتوبا في رق.
ومناسبة القسم بالتوراة أنها الكتاب الموجود الذي فيه ذكر الجزاء وإبطال الشرك وللإشارة إلى أن القرآن الذي أنكروا أنه من عند الله ليس بدعا فقد نزلت قبله التوراة وذلك لأن المقسم عليه وقوع العذاب بهم وإنما هو جزاء على تكذيبهم القرآن ومن جاء به بدليل قوله بعد ذكر العذاب (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) [الطور : ١١ ، ١٢].
والقسم بالتوراة يقتضي أن التوراة يومئذ لم يكن فيها تبديل لما كتبه موسى : فإمّا أن يكون تأويل ذلك على قول ابن عباس في تفسير معنى قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [المائدة : ١٣] أنه تحريف بسوء فهم وليس تبديلا لألفاظ التوراة ، وإمّا أن يكون تأويله أن التحريف وقع بعد نزول هذه السورة حين ظهرت الدعوة المحمدية وجبهت اليهود دلالة مواضع من التوراة على صفات النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو يكون تأويله بأن القسم بما فيه من الوحي الصحيح.
والبيت المعمور : عن الحسن أنه الكعبة وهذا الأنسب بعطفه على الطور ، ووصفه ب (الْمَعْمُورِ) لأنه لا يخلو من طائف به ، وعمران الكعبة هو عمرانها بالطائفين قال تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة : ١٨] الآية.
ومناسبة القسم سبق القسم بكتاب التوراة فعقب ذلك بالقسم بمواطن نزول القرآن فإن ما نزل به من القرآن أنزل بمكة وما حولها مثل جبل حراء. وكان نزوله شريعة ناسخة لشريعة التوراة ، على أن الوحي كان ينزل حول الكعبة. وفي حديث الإسراء «بينا أنا نائم عند المسجد الحرام إذ جاءني الملكان» إلخ ، فيكون توسيط القسم بالكعبة في أثناء ما أقسم به من شئون شريعة موسى عليهالسلام إدماجا.
وفي «الطبري» : أن عليا سئل : ما البيت المعمور؟ فقال : «بيت في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا ، يقال : له الضراح» (بضم الضاد المعجمة وتخفيف الراء وحاء مهملة) ، وأن مجاهدا والضحاك وابن زيد قالوا مثل ذلك. وعن قتادة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «هل تدرون ما البيت المعمور؟ قال : فإنه مسجد في السماء تحته