أقول : لا يخفى ما في هذا الجواب من تطرق المناقشة إليه ، فإن مرجع كلام المورد إلى أنه ليس كل نفقة يجب قضاؤها ، فإن نفقة الأقارب لا يجب قضاؤها ونفقة الزوجة التي قام الدليل على وجوب قضائها إنما هي التي وجبت من حيث الزوجية لأنها في مقابلة التمكين كما تقدم ، فهي معاوضة كما ذكره ومن ثم إن الناشز ومن أخلت بالتمكين لا نفقة لهما ، وما عدا ذلك فالأصل براءة الذمة من النفقة أو قضائها ، وبذلك يظهر لك ما في قوله «إن النفقة حق مالي والأصل فيه وجوب القضاء» فإنه مغالطة ، إذ الخصم يمنع الكبرى على الإطلاق.
وبالجملة فإنه لما كان المعلوم من الأدلة أن وجوب نفقة الزوجة إنما هو من قبيل المعاوضة ، فهي لا تكون إلا من حيث الزوجية ، ووجوب القضاء إنما يفرع على ذلك ، والزوجية مفقودة في محل البحث ، كما هو المفروض ، فالقول بوجوب القضاء في محل البحث خلف ظاهر ، والأصل الذي ادعاه من وجوب القضاء معارض بأن الأصل براءة الذمة.
و (منها) ما لو كانت ناشزا حال الطلاق ، أو نشزت بعده ، فعلى القول بأن النفقة لها تسقط لما علم من أن المطلقة حيث يجب نفقتها كالزوجة تسقط نفقتها حيث تسقط ، وتجب حيث تجب ، وعلى القول بأنها للحمل لا تسقط.
أقول : ويعتريني في هذا المقام إشكال حيث إن ظاهر كلامهم وقولهم هنا النفقة للحامل ليس المراد به أنها تستحق النفقة أصالة كما في استحقاقها لو كانت زوجة أو مطلقة رجعية ، وإنما المراد استحقاقها لا لأجل الحمل وبقائه وحفظه إلى أن تلده ، وحينئذ فالنشوز لا يؤثر في منع النفقة ، وهم متفقون على أن البائن لا تستحق نفقة وهذه بائن ، وإنما استحقاقها من أجل الحمل ، ولهذا قيل : بأن النفقة إنما هي للحمل دونها. وبالجملة فالظاهر أن النشوز سيما بعد الطلاق البائن لا يؤثر في منع النفقة على القول بأن النفقة لها.
و (منها) ما لو ارتدت بعد الطلاق فيسقط نفقتها على الأول دون الثاني. إلى