باب المهر وغيره ، وإطلاق الحكم يتناول الصغيرة وإن حرم الدخول بها والكبيرة المجنونة والعاقلة.
أقول : قدمنا في غير موضع أن إطلاق الدخول في الأخبار إنما ينصرف إلى الفرد المتعارف الشائع المتكرر دون الفروض النادرة. ولا ريب أن الفرد الشائع المتكرر المندوب إليه إنما هو الوطء في القبل خاصة.
وبالجملة فإن بناء الأحكام عليه وإن اشتهر في كلامهم إلا أنه غير خال من الاشكال كما تقدم تحقيقه بوجه أبسط ، والله العالم.
المطلب الرابع في الأحكام : وفيه مسائل :
الاولى : قد صرح الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ بأن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار ، وإنما تجب بالعود وإرادة الوطء وأنه لا استقرار لها.
أقول : تفصيل هذا الإجمال يقع في مواضع ثلاثة :
الأول : أنه لا خلاف بين كافة أهل العلم في أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار وإنما تجب بالعود ، قال الله تعالى وعزوجل «وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» (١) الآية ، فإنه سبحانه رتب التحرير على العود ، والمراد إرادة العود لا العود بالفعل ، نظيره قوله عزوجل «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ» (٢) «وإِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ» (٣) أي إذا أردت القراءة وإذا أردتم القيام ، والمراد بما قالوا تحريم الوطء الذي حرموه على أنفسهم بالظهار ، والمعنى أنهم إذا أرادوا استباحة الوطء الذي حرموه على أنفسهم بالظهار فلا بد أولا من تحرير رقبة.
__________________
(١) سورة المجادلة ـ آية ٣.
(٢) سورة النحل ـ آية ٩٨.
(٣) سورة المائدة ـ آية ٦.