(ومنها) أن الشيخ في النهاية قال : وينوب مناب قوله أنت طالق بغير العربية بأي لسان كان فإنه تحصل به الفرقة ، وأطلق. ونحوه كلام ابن حمزة وابن البراج وغيرهما ، وقال ابن إدريس : وما ينوب مناب قوله أنت طالق بغير العربية بأي لسان كان فإنه تحصل به الفرقة إذا تعذر عليه لفظ العربية ، فأما إذا كان قادرا على التلفظ بالطلاق بالعربية فطلق بلسان غيرها ، فلا تقع الفرقة بذلك ، لأنه ليس عليه دليل ، والأصل بقاء العقد.
احتج الشيخ على ما نقل عنه ، بأن المقصود في المحاورات بالذات إنما هو المعاني دون الألفاظ ، لأنها دلائل ، ونسبة الألفاظ متساوية ، وبما رواه وهب ابن وهب (١) عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام قال : «كل طلاق بكل لسان فهو طلاق».
وقال في المختلف بعد أن نقل احتجاج الشيخ المذكور ونقل عن ابن إدريس الاحتجاج بأن الأصل عصمة الفروج ، والاستصحاب يدل على بقاء العقد ، والفرقة أمر شرعي ولم يثبت ، ونحن في هذه المسألة من المتوقفين.
أقول : والعجب منه ـ قدسسره ـ من توقفه في هذه المسألة مع أن مقتضى اصطلاحه الحكم بضعف الرواية المذكورة ، سيما وراويها أكذب البرية ، وهو يرد الروايات الموثقات بل الحسنة في بعض الأوقات ، اعتمادا على هذا الاصطلاح ، فما باله يتوقف هنا ، وأدلة ابن إدريس واضحة الظهور ، وموافقة للقواعد الشرعية ، لو لا ظاهر الرواية المذكورة ، على أن الرواية غير صريحة في المدعى ، وظاهرها إنما هو عدم إمكان العربية ، لأن الظاهر أن المراد منها إنما هو أن أهل كل لسان من عربي أو عجمي أو تركي أو نحوها فله أن يطلق بلسانه ، ومن الغالب اختصاص أهل كل لسان بذلك اللسان لا يتجاوزونه إلى غيره ، ومعرفة بعضهم لألسن متعددة أمر على خلاف الغالب لا يحمل عليه الإطلاق.
وما ذهب إليه ابن إدريس هو المشهور بين المتأخرين كما نقله في المسالك ،
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ٣٨ ح ٣١ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٩٧ ب ١٧ ح ١.