على الناظر في هذا الكتاب مراجعة ذلك الكتاب المذكور فيجره الوهم والتعصب لهذين الفاضلين إلى نسبة كلامنا إلى الضعف والقصور لما جبلت عليه قرايح أبناء الوقت والزمان من التعويل على أقوال المتقدمين دون الأقران ، فلا علاج إنا ارتكبنا مرارة التكرار لازاحة هذا الوهم عن تلك الأفكار ، فنقول : إن هذا الكلام باطل من وجوه :
الأول : ما قدمنا ذكره من دلالة الآية والأخبار على أن العدالة أمر زائد على مجرد الإسلام ، المعتضد ذلك بدلالة جملة من الأخبار كصحيحة ابن أبي يعفور (١) المشهورة وغيرها مما قدمنا ذكره في ذلك الكتاب ، الدال جميع ذلك على أنها عبارة عن التقوى والصلاح والعفاف ونحوها ، وبذلك يظهر ما في قول سبطه من أنهما سالمتان من المعارض فيتجه العمل بهما.
الثاني : أنه لا خلاف بين أصحابنا من هؤلاء القائلين بهذا القول وغيرهم في كفر الناصب ونجاسته وحل ماله ودمه ، وأن حكمه حكم الكافر الحربي ، وإنما الخلاف في المخالف الغير الناصب هل يحكم بإسلامه كما هو المشهور بين المتأخرين؟ أم بكفره كما هو المشهور بين المتقدمين؟ والروايتان قد اشتملتا على شهادة الناصبين على الطلاق ، فكيف يتم الحكم بالإسلام؟ ثم صحة الطلاق فرعا على ذلك مع الاتفاق نصا وفتوى على الكفر ، إلا أن يريدوا بالإسلام مجرد انتحال الإسلام ، فيدخل حينئذ فيه الخوارج والمجسمة والمشبهة فيكون ظلمات بعضها فوق بعض.
ثم لو تنزلنا عن ذلك وحملنا الناصب في الخبرين على المخالف كما ربما يدعيه الخصم ، حيث إن مذهبهم الحكم بإسلام المخالفين ، فإنا نقول : إن قبول شهادة المخالف مخالف للأدلة الشرعية كتابا وسنة لدلالتها على عدم جواز
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٤ ح ١ ، الوسائل ج ١٨ ص ٢٨٨ ب ٤١ ح ١.