أن الضرورات تبيح المحظورات ، وحينئذ فيجب عليها رضاعه في تلك المدة لمكان الضرورة ، ويجب على الأب الأجرة حسبما قرره ـ رحمهالله ـ أولا.
وأما ما ذكره ـ رحمة الله عليه ـ من أن عمل الأصحاب ورواياتهم على ذلك فلا مجال لخلافه ، ففيه أن غاية ما يفهم من كلامهم ومن الأخبار المذكورة هو إطلاق القول بالمنع من أخذ الأجرة على هذه المدة ، وليس في شيء منهما ما يدل صريحا أو ظاهرا على أن الأمر كذلك في صورة الاضطرار إلى الرضاع هذه المدة ، فالجميع قابل للتقييد بما ذكرناه ، فلا منافاة كما توهم ، وإلى ما ذكرناه يميل كلام سبطه في شرح النافع حيث قال : ولو اضطر الولد إلى الرضاع بعد الحولين لمرض ونحوه فالأقرب وجوب أجرتها على الأب لأن ذلك بمنزلة النفقة الضرورية. انتهى وهو جيد.
المقام الثالث : في الحضانة ، والظاهر أن أصلها من حضن الطائر بيضه ، أي ضمه تحت جناحه ، قال في كتاب المصباح المنير (١) بعد ذكر المعنى المذكور : والحضانة ـ بالفتح والكسر ـ اسم منه. وقال في المسالك : هي ـ بفتح الحاء ـ ولاية على الطفل والمجنون لفائدة تربيته ، وما يتعلق بها من مصلحته من حفظه وجعله في سريره ورفعه وكحله ورهنه وغسل خرقه وثيابه وتنظيفه ونحو ذلك وهي بالأنثى أليق منها بالرجل ، لمزيد شفقتها وخلقها المعد لذلك بالأصل ، انتهى.
والواجب أولا نقل ما وصل إلينا من أخبار المسألة ، وكلام الأصحاب في المقام ، والكلام في ذلك بما يسر الله تعالى فهمه بتوفيقه وببركة أهل الذكر عليهمالسلام.
فمن الأخبار ما رواه في الكافي (٢) عن أبي العباس البقباق قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل أحق بولده أم المرأة؟ فقال : لا بل الرجل ، قال : فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بمثل ما تجد من ترضعه فهي أحق به».
__________________
(١) المصباح المنير ج ١ ص ١٩٣.
(٢) الكافي ج ٦ ص ٤٤ ح ١ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٩١ ح ٣ وليس فيهما «قال» الثانية.