الاستحباب ، المنع في كلامهم إنما هو من الحمل على القاعدة الأصولية من حمل المطلق على المقيد ، وبعض الأخبار يشير إليه ويعضده ، وما ذكره من الاستبعاد غير جيد ، فإن نظيره في الأحكام غير عزيز بل شائع كثير ، وما ذهب إليه الشيخ في الاستبصار ومن تبعه ممن تقدم ذكره جيد ، إلا أن الكلام في تطبيق أخبار التربص عليه ، فإن فيه ما عرفته من أن مبنى كلامه إلى أن اختلاف الأخبار مبنى على اختلاف عادات النساء ، فمن كانت عادتها في الشهر مرة لا يجوز طلاقها إلا بعد شهر ، ومن كانت في كل ثلاثة أشهر فلا يجوز إلا بعد الثلاثة ، وهكذا وقد تقدم ما فيه.
وبالجملة فالمسألة محل إشكال ، ولا يحضرني الآن مذهب العامة في المسألة فلعل أخبار التربص إنما خرجت مخرج التقية ، أو اختلافها إنما كان من حيث ذلك.
بقي في المقام مسائل
الاولى : إذا قلنا بوجوب التربص مدة فطلق الغائب زوجته ، فلا يخلو إما أن يطلق بعد مضي المدة المعتبرة أو قبلها ، وعلى كل من التقديرين المذكورين إما أن يوافق فعله كونها جامعة لشرائطه في الواقع ، بأن تكون قد حاضت بعد طهر المواقعة فوقع الطلاق حال الطهر ، أو لا يوافق ، بأن تبين وقوعه في طهر المواقعة أو حالة الحيض أو يستمر الاشتباه ، وحينئذ فهنا صور :
الاولى : أن يطلقها بعد المدة المعتبرة ثم تظهر الموافقة بأن كانت قد انتقلت من طهر المواقعة إلى طهر آخر ، وأن الطلاق وقع حال الطهر ، ولا إشكال هنا في صحة الطلاق إجماعا لاجتماع شرائطه المعتبرة في صحته ظاهرا وفي نفس الأمر.
الثانية : الصورة بحالها ، ولكن ظهر بعد ذلك كونها حائضا حال الطلاق ، ولا إشكال هنا أيضا في صحة الطلاق لأن المعتبر في صحة طلاق الغائب مراعاة المدة