معتادة بتلك العادة ، وإنما وقع السؤال في كل خبر منها عن مطلق النساء ومطلق الغائب ، فكأنه بمنزلة القاعدة الكلية (١) والضابطة الجلية لا اختصاص له بفرد دون فرد.
وبالجملة فإن تخصيص إطلاق تلك الأخبار بأخبار التربص مع اختلافها غير تام ، فلا بد من جمعها على وجه تلتئم به ، وهذا الوجه الذي ذكروه قد عرفت ما فيه.
نعم يتجه عند من يعمل بهذا الاصطلاح المحدث ترجيح روايات الثلاثة الأشهر لصحة بعضها ، فيخصص بها هذا الإطلاق ، ولهذا قال السيد ـ في شرح النافع حيث إنه من أرباب هذا الاصطلاح ـ ما لفظه : والذي يقتضيه الجمع بين الأخبار الصحيحة بعد طرح غيرها اعتبار الثلاثة الأشهر حملا لما أطلق فيه من الأخبار جواز طلاق الغائب على هذا المقيد ، ويعضده أن الغالب من حال الغائب وزوجته أن يكون حالها مجهول عنده فتكون كالمسترابة التي يجب التربص بها ثلاثة أشهر ومع ذلك فما ذهب إليه شيخنا المفيد ـ قدسسره ـ ومن تبعه من عدم اعتبار التربص غير بعيد عن الصواب حملا لما تضمن ذلك على الأفضلية ، إذ من المستبعد جدا إطلاق صحة طلاق الغائب على كل حال في الأخبار الصحيحة الواردة في مقام البيان مع أنها مشروطة بأمر آخر غير مذكور ، وفي موثقة إسحاق بن عمار إشعار بذلك أيضا ، والمسألة محل تردد ، ولا ريب أن اعتبار الثلاثة أشهر كما تضمنته صحيحة جميل بن دراج أولى وأحوط ، انتهى.
أقول : ومرجع كلامه هنا في توجيه كلام الشيخ المفيد إلى وجه آخر في الجمع بين المطلق والمقيد ، وهو العمل بالمطلق على إطلاقه ، وحمل المقيد على
__________________
(١) وذلك فان اللام فيها لام التحلية ، وهو للعموم في المقامات الخطابية ، كقولهم «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» وهكذا في الإضافة أيضا ، وحينئذ فيكون ذلك بمنزلة القاعدة الكلية كما ذكروه في حديث إذا بلغ الماء كرا. (منه ـ قدسسره ـ).