وزاد في الاحتجاج على ما ذكره ابن إدريس بأن اللفظ العربي هو الوارد في القرآن والأخبار المتكرر في لسان أهل الشرع ، والظاهر هو ما ذهب إليه ابن إدريس لما عرفت ، وما علل به الشيخ من قوله «إن المقصود في المحاورات بالذات هو المعاني دون الألفاظ» وأورد عليه في سائر العقود ، وهو لا يقول به.
وثالثها : أنه لا خلاف بين الأصحاب في عدم وقوع الطلاق بالكتابة من الحاضر القادر على النطق ، إنما الخلاف في أنه هل يقع من الغائب القادر على اللفظ أم لا؟ فالمشهور العدم ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الإجماع ، وقال في النهاية ، فإن كتب بيده أنه طلق امرأته وهو حاضر ليس بغائب لم يقع الطلاق ، فإن كان غائبا وكتب بخطه أن فلانة طالق وقع الطلاق ، وإن قال لغيره : اكتب إلى فلانة امرأتي بطلاقها لم يقع الطلاق. فإن طلقها بالقول ثم قال لغيره اكتب إليها بالطلاق كان الطلاق واقعا بالقول دون الأمر ، وتبعه على ذلك جملة من أتباعه ، والأصل في هذا الاختلاف اختلاف أخبار المسألة.
والذي وقفت عليه منها ما رواه في الكافي والفقيه (١) عن أبي حمزة الثمالي في الصحيح قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، أو اكتب إلى عبدي بعتقه ، يكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ فقال : لا يكون طلاقا ولا عتقا حتى ينطق به بلسانه ، أو يخطه بيده وهو يريد به الطلاق أو العتق ، ويكون ذلك منه بالأهلة والشهور ، ويكون غائبا عن أهله». أقول : وهذه الرواية هي مستند الشيخ في النهاية ومن تبعه.
وما رواه في الكافي (٢) في الصحيح أو الحسن عن زرارة قال : «قلت لأبي جعفر
__________________
(١) الكافي ج ٦ ص ٦٤ ح ١ ، الفقيه ج ٣ ص ٣٢٥ ح ١ ، التهذيب ج ٨ ص ٣٨ ح ٣٣ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٩١ ب ١٤ ح ٣.
(٢) الكافي ج ٦ ص ٦٤ ح ٢ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٩١ ب ١٤ ح ٢.