أقول : لا يخفى قرب ما قربه من تأويل الشيخ المفيد ، إلا أن الأخبار خالية من الإشارة إليه فضلا عن الدلالة عليه ، والمعتمد هو الحمل على التقية كما يشير إليه صحيح زرارة المتقدم في صدر الأخبار حيث كذب عليهالسلام أهل العراق فيما نقلوه عن علي عليهالسلام من جعل الأقراء هي الحيض بعد أن أسنده إليهم ، ونحوه الرواية المنقولة من كتاب مجمع البيان وتفسير العياشي.
وقد تضمنت جملة من الروايات المذكورة أن مذهب علي عليهالسلام إنما هو كون القرء بمعنى الطهر ، ولعل ما تضمنه خبر المرأة التي سألت عمر هو مستند أهل العراق فيما نقلوه عن علي عليهالسلام من أن القرء بمعنى الحيضة ، إلا أنه ينافيه تكذيبه عليهالسلام فيما نقلوه.
واحتمل في التهذيبين (١) في خبر المرأة أن يكون على وجه إضافة المذهب إليهم فيكون قول أبي عبد الله عليهالسلام : قال علي عليهالسلام : إن هؤلاء يقولون كذلك ، لا أنه يكون مخبرا في الحقيقة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : وقد صرح أبو جعفر عليهالسلام في رواية زرارة وغيرها بأنهم كذبوا على علي عليهالسلام. انتهى ، وهو في مقام الجمع بين هذه الأخبار غير بعيد ، وبه ترتفع المنافاة المتقدم ذكرها.
وبذلك يظهر أن المعتمد هو القول المشهور لما عرفت من تضافر الأخبار به مؤيدة بفتوى الطائفة بذلك.
الرابع : لا خلاف بين الأصحاب في أنها تحتسب بالطهر الذي طلقت فيه ، فيكون أحد الأطهار الثلاثة الموجبة للخروج من العدة. قال السيد السند في شرح النافع : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، وظاهرهم أنه موضع وفاق أقول : وتدل عليه الأخبار المتقدمة الدالة على أنها بالدخول في الدم الثالث فقد انقضت عدتها ، فإنه مني كما عرفت آنفا على الاحتساب بالطهر الذي طلقت فيه كما أوضحناه آنفا لأن هذا هو الغالب ، فمن أجل ذلك بني عليه
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ١٢٥ ذيل ح ٣٢ ، الاستبصار ج ٣ ص ٣٢٩ ذيل ح ٨.