دلت الآية على أنه منكر وزور ، ولا ريب في تحريم كل منهما ، ونقل في الشرائع قولا بأنه محرم ، ولكن يعفي عن فاعله يعني في الآخرة ، فلا يعاقب عليه استنادا إلى قوله تعالى في آخر الآية «وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ».
قال في المسالك : وهذا القول ذكره بعض المفسرين ولم يثبت عن الأصحاب ثم تنظر فيه بأنه لا يلزم من وصفه تعالى بالعفو والغفران فعليتهما بهذا النوع من المعصية ، وذكره بعده لا يدل عليه. نعم لا يخلو من باعث على الرجاء والطمع في عفو الله تعالى ، إلا أنه لا يلزم منه وقوعه به بالفعل ، ونظائره في القرآن كثيرة مثل قوله تعالى «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً» (١) مع أنه لم يقل أحد بوجوب عفوه عن هذا الذنب المذكور قبله ـ إلى أن قال : ـ والحق أنه كغيره من الذنوب أمر عقابها راجع إلى مشية الله تعالى ، انتهى.
والسبب في نزول هذه الآية ما رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره (٢) بسنده المذكور فيه عن حمران عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إن امرأة من المسلمات أتت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : يا رسول الله إن فلانا زوجي وقد نثرت له بطني وأعنته على دنياه وآخرته ، لم ير مني مكروها ، أشكوه إليك ، قال : فيم تشكونيه؟ قالت : إنه قال : أنت علي حرام كظهر أمي ، وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضي فيه بينك وبين زوجك ، وأنا أكره أن أكون من المتكلفين ، فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله عزوجل وإلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وانصرفت ، قال : فسمع الله تبارك وتعالى
__________________
(١) سورة الأحزاب ـ آية ٥.
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٥٣ ط النجف الأشرف وفيه اختلاف يسير ، الوسائل ج ١٥ ص ٥٠٦ ب ١ ح ٢ لحد قوله «هذا حد الظهار» مع اختلاف يسير وأما بقية الحديث فمذكور في ص ٥٠٩ ب ٢ ح ١.