تضمنت حكم المطلقة الرجعية الحامل ، وأن لها السكنى والنفقة ما دامت في العدة. والروايات الأخيرة وهي صحيحة محمد بن قيس وما بعدها قد تضمنت حكم المطلقة الرجعية الحامل وأن لها النفقة والسكنى حتى تضع حملها. وباقي الروايات تضمنت حكم المطلقة البائن حاملا كانت أو حائلا ، وأن الحائل لا نفقة لها ولا سكنى ، وأما الحامل فلها النفقة والسكنى ، وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا المقام بما لا يحوم حوله نقض ولا إبرام في المسألة الثانية من المقصد الخامس في النفقات من الفصل الخامس فيما يلحق بالنكاح وهو آخر كتاب النكاح. (١)
قالوا : وشرط وجوب النفقة والسكنى للمطلقة رجعيا اجتماع الشرائط المعتبرة فيها حال الزوجية من الصلاحية للاستمتاع وتسليم نفسها وغيره ، لأن المطلقة رجعيا تبقى بحكم الزوجة ، فيعتبر فيما يجب لها ما يعتبر في الزوجة ، فلو كانت صغيرة لا تتحمل الجماع لم تستحق النفقة في العدة كما لا تستحقها في النكاح ، وكذا لو طلقها وهي ناشزة لم تستحق السكنى والنفقة في العدة كما لا تستحقها في صلب النكاح ، وكذا لو نشزت في العدة ولو بالخروج عن مسكنها بغير إذنه تسقط نفقتها وسكناها ، ولو عادت إلى الطاعة عاد الاستحقاق.
أقول : وما ذكروه وإن لم يرد به نص بالخصوص إلا أنه الأوفق بالقواعد الشرعية لترتب ذلك على بقاء الزوجية ، إلا أن عد الصغيرة منها لا يخلو من شيء فإنها لا عدة عليها بعد الطلاق لعدم الدخول بها.
بقي هنا شيء لم يتقدم ذكره ، وهو أنه لا ريب أن العدة تجب مع وطء الشبهة إجماعا نصا وفتوى ، وهل تثبت النفقة لها لو كانت حاملا؟ وجهان ، بل قولان مبنيان على أن النفقة على الحامل هل هي لها أو للحمل؟ فقال الشيخ : هي للحمل وحينئذ فتجب ، وإن كانت الحامل غير مطلقة إذا كان الولد ملحقا بالواطئ كما هو محل البحث ، فإن نفقة ولده واجبة عليه ، وإن لم تكن امه زوجته.
__________________
(١) راجع ص ١٠٨ من هذا الجزء.