ونقل عن الشيخ في المبسوط وجوب العدة محتجا بإمكان المساحقة. ورد بأن مجرد الإمكان غير كاف في الوطء الكامل.
والحق في الجواب أن الحكم بالوجوب يتوقف على الدليل ، وغاية ما دلت عليه الأخبار هو إدخال الذكر على الوجه المتقدم ، وهو غير حاصل. نعم لو ظهر بها حمل لحقه الولد ، واعتدت حينئذ بوضعه كما ذكره الأصحاب.
وأما الممسوح الذي لم يبق له شيء ولا يتصور منه دخول فقد صرح الأصحاب بأنه لو أتت منه بولد لم يلحقه على الظاهر ، ولا يجب على زوجته منه عدة ، وربما قيل : حكمه حكم المجبوب ، وهو بعيد.
الخامس : لا عدة للحامل من الزنا : بلا خلاف ، فيجوز لها التزويج قبل الوضع ، وأما مع عدمه فالمشهور أنه كذلك ، لأن الزنا لا حرمة له ، وبه علل الأول أيضا وأثبتها العلامة في التحرير. قال في المسالك : ولا بأس به ، حذرا من اختلاط المياه وتشويش الأنساب.
أقول : وهذا القول وإن ندر فهو المختار لما دل عليه من الأخبار ، ومنها ما رواه في الكافي (١) عن إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قلت له : الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها ، هل يحل له ذلك؟ قال : نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها ، وإنما يجوز له تزويجها بعد أن يقف على توبتها».
وما رواه الحسن بن علي بن شعبة في كتاب تحف العقول (٢) عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهالسلام «أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا ، أتحل له أن يتزوجها؟ فقال : يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره ، إذ لا يؤمن منها أن يكون
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٥٦ ح ٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٣٠ ب ١١ ح ٤ وج ١٥ ص ٤٧٦ ب ٤٤ ح ١.
(٢) تحف العقول ص ٤٥٤ ، الوسائل ج ١٥ ص ٤٧٦ ب ٤٤ ح ٢.