الذي ذكره ـ رحمة الله عليه ـ يتم الاستدلال ، وإلا في التوقف على سواها في هذا المجال ، وإلى القول بما تضمنته صحيحة الحلبي من وجوب الإنفاق على الوارث الصغير يميل كلام السيد السند في شرح النافع حيث إنه بعد أنه أنكر الوقوف على الرواية التي ادعاها في المبسوط قال : نعم مقتضى صحيحة الحلبي وجوب النفقة على الوارث الصغير ، والعمل بها متجه لصحتها ووضوح دلالتها ، انتهى.
ومما يدل على استحباب النفقة على من عدا من ذكر ما رواه الصدوق في الخصال (١) بسنده عن زكريا المؤمن رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام «قال : من عال ابنتين أو أختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار بإذن الله».
وفي تفسير الإمام العسكري عليهالسلام (٢) في قوله تعالى «وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» (٣) قال : من الزكاة والصدقات والحقوق اللازمات ـ إلى أن قال : ـ وذوي الأرحام القريبات والآباء والأمهات ، وكالنفقات المستحبة على من لم يكن فرضا عليهم النفقة وسائر القربات ـ الحديث.
الثالث : المفهوم من كلام الأصحاب هو أن نفقة الولد إنما تجب على أبيه دون أمه لقوله تعالى «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (٤) فأوجب أجرة الرضاع على الأب فكذا غيرها من النفقات.
أقول : ويؤيده أيضا عدم وجوب الإرضاع عليها ، بل لها الامتناع وأنها كغيرها من الأجانب المستأجرات ، ولو كانت النفقة عليها واجبة كالأب لما صح ذلك.
وبالجملة فالتمسك بأصالة براءة ذمتها من ذلك أقوى مستمسك حتى يقوم الدليل على الخروج عنه ، وقد صرحوا أيضا بأن النفقة الواجبة على الأب لو مات
__________________
(١) الخصال ج ١ ص ٣٧ ح ١٤ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٣٨ ح ١.
(٢) تفسير الإمام العسكري ص ٣٥ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٣٨ ح ٢.
(٣) سورة البقرة ـ آية ٣.
(٤) سورة الطلاق ـ آية ٦.