أقول : أما ما اشتمل عليه الخبر المذكور من التدهن والامتشاط فالظاهر أنه غير داخل في الزينة لما عرفت ، وأما الخضاب والصبغ وأن تصنع ما تشاء فالظاهر حمله على الضرورة ، وإليه يشير قوله «لغير زينة من زوج» أي يجوز فعل هذه الأشياء لا لقصد التزين للأزواج وليس بعد ذلك إلا لغرض ألجأت إليه الضرورة.
بقي الكلام في اختلاف هذه الأخبار في جواز الخروج من بيتها والبيات في غيره ، فإن أكثر الأخبار قد دل على المنع بآكد وجه إلا مع الضرورة ، فتخرج بعد نصف الليل وتعود عشاء ، وجملة منها قد دل على الجواز مطلقا ، وهي الأخبار الأخيرة ، والظاهر الجمع بينهما بما تضمنته صحيحة الصفار المتقدمة من إلجاء الحاجة إلى ذلك والضرورة فتخرج نهارا ، وتبيت في غيره ليلا.
والشيخ في كتابي الأخبار جمع بينها بحمل أخبار النهي عن البيتوتة عن بيتها على الاستحباب كما هو قاعدته غالبا في جميع الأبواب ، وظاهر الأخبار المانعة بآكد منع لا يساعده.
ومن أخبار المسألة زيادة على ما قدمنا ما رواه أبو منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج والشيخ في كتاب الغيبة (١) عن صاحب الزمان عليهالسلام مما كتب في أجوبة مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري حيث سأله عن المرأة يموت زوجها ، هل يجوز لها أن تخرج في جنازته أم لا؟ التوقيع : تخرج في جنازته ، وهل يجوز لها وهي في عدتها أن تزور قبر زوجها؟ التوقيع : تزور قبر زوجها ولا تبيت عن بيتها ، وهل يجوز لها أن تخرج في قضاء حق يلزمها أم لا تخرج من بيتها في عدتها؟ التوقيع : إذا كان حق خرجت فيه وقضته ، وإن كان لها حاجة ولم يكن لها من ينظر فيها خرجت لها حتى تقضيها ، ولا تبيت إلا في منزلها.
أقول : وهذا الخبر قد اشتمل على ما فصلناه في تلك الأخبار بعد حمل مطلقها على مقيدها وملخصه أنه مع الضرورة إلى الخروج فلا إشكال في جواز الخروج
__________________
(١) الاحتجاج ص ٢٦٩ ، الغيبة ص ٢٤٦ ، الوسائل ج ١٥ ص ٤٦٠ ب ٣٣ ح ٨.