الإباحة إلا ما خرج عنها بدليل أو إجماع ، وهو الظهر ، فيبقى الباقي على الأصل ولأن الظهار مشتق من الظهر ، فإذا علق بغيره بطل الاسم المشتق منه ، وهذه التعليلات عند من يعمل بالخبرين المذكورين غير مسموعة ، لأنها مجرد اجتهاد في مقابلة النصوص ، والأصل الذي اعتمدوه يجب الخروج عنه بالنص المذكور.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنهم في هذا الموضع قد ذكروا صورا عديدة تفريعا على التشبيه ، والنسبة فيه من كونه بين الجملة والجملة أو الأجزاء والأجزاء أو الجملة والأجزاء ، ذلك مما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.
الاولى : أن يقع التشبيه بين جملة الزوجة وظهر الام ، وهو أن يقول : أنت علي كظهر أمي ، وهذا هو المتفق عليه إجماعا نصا وفتوى ، وقد تقدم ما الحق به مما هو في معناه من تبديل حرف الصلة وتبديل اللفظ الدال على التعيين.
الثانية : أن يقع بين جملة الزوجة وجزء آخر من الام غير الظهر ، سواء كان مما لا يتم حياتها إلا به كوجهها ورأسها وبطنها أو يتم كيدها ورجلها ، وسواء حلته الحياة أم لا ، وهذه الصورة هي محل البحث المتقدم ، وقد عرفت الخلاف فيه وما يتعلق به من الأخبار.
الثالثة : أن يشبه بالجملة بالجملة بأن يقول أنت علي كأمي ، أو بدنك أو جسمك علي كبدن أمي أو جسمها ، وفي وقوع الظهار به قولان مبنيان على ما سبق ، والشيخ حيث قد حكم فيما سبق بالوقوع حكم به هنا ، قال : لأن صحته مع تشبيهه بتلك الأجزاء تستلزم صحته مع التشبيه بنفسها بطريق أولى لاشتمالها على تلك الأجزاء وزيادة ، ولاشتمال جملتها على ظهرها الذي هو مورد النص ، فيدل عليه تضمنا.
وأجيب عنه بمنع الأصل والأولوية ، فإن الأسباب الشرعية لا تقاس ، ونمنع من دخول الظهر في قوله أنت ، وجاز أن يكون لتخصيصه فائدة باعثة على الحكم ، والأكثر كما ذكره في المسالك على عدم الوقوع بذلك لفوت الشرط وهو التشبيه بالظهر كما قد علم من السابق.