ما داما في مجلسهما» إنما هو أنه متى خيرها فاختارت نفسها فإنه يشترط أن يكون في مجلس واحد ، بمعنى أنه لو خيرها وسكتت حتى تفرقا ثم اختارت نفسها لم يقع ، فلا بد من أن يكون التخيير منه والاختيار منها في مجلس واحد. ويشير إلى ذلك قوله في صحيحة محمد بن مسلم «فإن خيرها أو جعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا» فإنه دال على أنه يشترط أن يكون اختيار نفسها في مجلس تخيير الزوج لها ، لا بعد مفارقته ، وفي معناه صحيحة الفضيل.
وبالجملة فالمراد بالخيار هو التخيير الذي يترتب عليه الفراق لا الخيار في الرجوع عن مقتضى التخيير كالخيار في سائر العقود بمعنى فسخها ، حتى أنه يدعى أنه مقتضى قوله «إن الخيار لها ما داما في المجلس» جواز فسخه لكل منهما في المجلس ، وإن وقع التخيير ، من كل منهما ، وكيف يتم الفسخ بعد اختيارها نفسها وأكثر الأخبار قد دل على أنها باختيارها نفسها قد بانت منه وانقطعت العصمة بينهما من ساعته كما صرحت به حسنة بكير ، ورواية بريد الكناسي ، وكيف يتم الفسخ بعد حصول البينونة وانقطاع العصمة ، وعلى تقدير الروايات الأخر الدالة على أنه بمنزلة الطلاق الرجعي كيف يتم لها فسخ الطلاق حسبما ذكره من أنه لا خيار لها في الطلاق مطلقا ، وبهذا يظهر لك أن حمله الرواية على ما ذكره ـ من جواز الرجوع في التخيير بمعنى فسخه من الزوج أو من كل منهما ـ ليس في محله ، وإنما المعنى فيها ما قلناه.
وأما تكرارهم التفريع على التمليك أو التوكيل فقد عرفت أن الظاهر أن يقال : إن هذا حكم برأسه عند من قال به ، يترتب عليه من الأحكام ما دلت عليه أخباره.
وخامسها : قد صرح الأصحاب من غير خلاف يعرف أنه يشترط تجريد صيغة الطلاق من الشرط والصفة. بل ادعى عليه ابن إدريس كما نقل عنه الإجماع ، ومثله شيخنا الشهيد الثاني في الروضة ، فإنه قال بعد ذكر المصنف الحكم المذكور : وهو موضع وفاق منا. وظاهرهم أن المستند فيه إنما