ثم إنه أجاب عن الثاني وهو ما ذهب إليه ابن الجنيد ، قال : وجواب الثاني أن حقيقة الظهار كما اعترفوا به تحريم المرأة عليه ، وذلك لا ينافي بقاؤها في عصمته ، فلا يكون إبقاؤها بذلك عودا فيه ، وإنما يظهر العود في قوله بإرادة فعل ما ينافيه ، وذلك بإرادة الاستمتاع أو به نفسه ، لكن الثاني غير مراد هنا لقوله «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا» فجعل الكفارة مترتبة على العود ، وجعلها من قبل أن يتماسا ، فدل على أن العود يتحقق قبل الوطء ، وبهذا يضعف القول الثالث ، انتهى.
وأجاب في المختلف ومثله في المسالك أيضا عما ذهب إليه ابن الجنيد بأن قوله عزوجل «ثُمَّ يَعُودُونَ» يقتضي التراخي بين الظهار والعود لدلالة «ثم» عليه وعلى قولهم بالقول الثاني لا يتحقق التراخي على هذا الوجه.
أقول : لا يخفى أن المستفاد من الآية والأخبار المتقدمة متى ضم بعضها إلى بعض إنما هو عبارة عن إرادة المواقعة ، لا مجرد إمساكها ، لأن الآية دلت على ترتب الكفارة على العود ، بمعنى إرادة العود بالتقريب المتقدم ، والأخبار صرحت بأن وقت الكفارة إرادة المواقعة ، ومنه علم أن العود الموجب للكفارة عبارة عن إرادة المواقعة ، فلو أمسكها ما أمسكها ولم يرد المواقعة لم يتحقق العود بذلك.
الثالث : قد عرفت مما تقدم أنه لا إشكال في لزوم الكفارة بإرادة العود ، لكن الكلام في أنه متى وجبت بذلك هل يكون وجوبها مستقرا بذلك حتى أنه لو طلقها بعد إرادة العود وقبل الوطء تبقى الكفارة لازمة له؟ أو أنه لا استقرار لوجوبها إلا بالوطء بالفعل ، فمعنى الوجوب إنما هو عبارة عن كونها شرطا في حل الوطء لتحريم العود بدونها؟ قولان ، أشهرهما الثاني ، وهو الذي صرح به المحقق في كتابيه.
قال في الشرائع : ولا استقرار لها ، بل معنى الوجوب تحريم الوطء حتى يكفر ، وعلى هذا فتكون الكفارة شرطا في حل الوطء ، كما أن الطهارة شرط