وعلى هذا فالريبة تتحقق بأن تكون في سن من تحيض ولا تحيض ، أما من لا تحيض مثلها فلا ريبة فيها ، وحينئذ فيحمل قوله تعالى «وَاللّائِي لَمْ يَحِضْنَ» على من كان انقطع الحيض عنها خلقة وطبيعة ، والظاهر أن المراد من اليأس من الحيض في الآية ليس ما يتبادر من ظاهر اللفظ ، بل المراد منه أن ينقطع عنها الدم ثلاثة أشهر فصاعدا ، فإن الاعتداد بالأشهر هو والذي سيقت له الآية إنما يترتب على ما قلناه لا على اليأس منه بالكلية ، إذ لا عدة على اليائس.
وينبغي أن يعلم أن ظاهر الآيات والأخبار أن الأصل في عدة الحامل الأقراء وأما الاعتداد بالأشهر فإنما هو لفقد الأقراء ، قال عزوجل «وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ» وقال سبحانه «وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ» إلى قوله «وَاللّائِي لَمْ يَحِضْنَ» فاشترط في اعتدادهن بالأشهر فقد الأقراء من حيث عدم الحيض.
وأما الأخبار الواردة في المقام فهي مستفيضة ، ومنها ما رواه في الكافي والتهذيب (١) في الحسن أو الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «أمران أيهما سبق بانت به المطلقة المسترابة تستريب الحيض إن مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت به ، وإن مرت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض. قال ابن أبي عمير : قال جميل : وتفسير ذلك إن مرت ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، فهذه تعتد بالحيض على هذا الوجه ولا تعتد بالشهور ، وإن مرت ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها فقد بانت».
وما رواه في الكافي (٢) عن زرارة في الموثق عن أحدهما عليهماالسلام قال : «أي
__________________
(١ و ٢) الكافي ج ٦ ص ٩٨ و ١٠٠ ح ١ و ٩ ، التهذيب ج ٨ ص ١١٨ ح ٨ و ٧، الوسائل ج ١٥ ص ٤١١ ب ٤ ح ٥ و ٣ ، وما في المصادر اختلاف يسير.