بعدم الأمرين المذكورين ، وحينئذ فالحكم بصحة الطلاق مع الغيبة وعدم التربص بل بمجرد العلم بكونها في غير طهر المواقعة ، وإن كان حائضا يحتاج إلى دليل لكونه على خلاف ما يظهر من أدلة وجوب التربص ، فيبقى على الأصل من اشتراط العلم بعدم الحيض الذي قامت الأدلة على أنه شرط في صحة الطلاق.
قوله ـ رحمهالله ـ : ولا يشترط هنا العلم أو الظن بعدم الحيض لأن شرط الصحة هنا موجود ، وهو استبراؤها بالانتقال من طهر إلى آخر مردود بأنه كما أن من الشروط الانتقال من طهر إلى آخر كذلك منها العلم بكونها طاهرا وقت الطلاق كما عرفت ، وغاية ما دل عليه الدليل سقوط هذين الشرطين في الغائب مع التربص لا مع عدمه ، وبالجملة فالأظهر عندي ما ذكره السيد السند المذكور ـ رحمهالله.
المسألة الرابعة : لو كان حاضرا لكن لا يمكنه الوصول إلى الزوجة واستعلام حالها لحبس ونحوه ، فهو بمنزلة الغائب فيما عرفت من حكمه والأقوال فيه ، كما أنه لو كان غائبا ولكن يمكنه استعلام أحوالها لورود الأخبار عليه ممن يعتقد صدقة ، ويركن في صحة الأخبار إليه ، فإنه يكون في حكم الحاضر.
والذي يدل على الحكم الأول من الأخبار ما رواه في الكافي والفقيه (١) في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها وهي في منزل أهلها ، وقد أراد أن يطلقها وليس يصل إليها ليعلم طمثها إذا طمثت ولا يعلم بطهرها إذا طهرت ، قال : فقال : هذا مثل الغائب عن أهله ، يطلقها بالأهلة والشهور ، قلت : أرأيت إن كان يصل إليها الأخبار الأحيان والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها ، كيف يطلقها؟ فقال ، إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه فيطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الآخر بشهود ، ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين ، فإذا مضى ثلاثة أشهر
__________________
(١) الكافي ج ٦ ص ٨٦ ح ١ ، الفقيه ج ٣ ص ٣٣٣ ح ١ ، الوسائل ج ١٥ ص ٣١٠ ب ٢٨ ح ١.