بعد الحمل على التقية إنما يتم له في رواية محمد بن مسلم ، لاشتمالها على تلك الألفاظ دون رواية الحلبي ، فيمكن حملها على التقية ولا مانع منه ، ولا ينافيه عدم إمكان ذلك في تلك الرواية لجواز حملها على التقية بالمعنى الآخر الذي تقدمت الإشارة إليه غير مرة ، وقد تقدم في المقدمة الاولى (١) من المقدمات التي في أول كتاب الطهارة.
وبالجملة فالظاهر عندي هو القول المشهور وارتكاب التأويل في هذين الخبرين جمعا بينهما وبين الأخبار الأخر كما عرفته.
تنبيه
ظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك توسعة الدائرة في المقام بالحكم بالصحة في جملة من الكنايات الظاهرة في إرادة معنى الطلاق تفريعا على الحكم بالصحة بلفظ اعتدي كما اختاره ، وأن ذلك لازم لمن قال بهذا القول. قال ـ رحمهالله ـ : نعم يمكن أن يقال : إن حكمه بوقوع الطلاق بقوله اعتدي مع النية وهو كناية قطعا يدل على وقوعه بغيره من الكنايات التي هي أوضح معنى من قوله اعتدي مثل قوله أنت مطلقة أو طلقتك أو من المطلقات أو مسرحة أو سرحتك أو مفارقة أو فارقتك أو من المسرحات أو من المفارقات إلى غير ذلك من الكنايات التي هي أوضح دلالة على الطلاق من قوله اعتدي ، بل قيل : إن السراح والفراق وما اشتق منهما ومن الطلاق صريح لا كناية لورودها في القرآن مرادا بها الطلاق كقوله تعالى «وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً» (٢) «وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً» (٣) «أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» (٤) «أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» (٥) «وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ» (٦) «فوقوع الطلاق
__________________
(١) ج ١ ص ٥ ـ ١٢.
(٢) سورة الأحزاب ـ آية ٢٨.
(٣) سورة الأحزاب ـ آية ٤٩.
(٤) سورة البقرة ـ آية ٢٢٩.
(٥) سورة الطلاق ـ آية ٢.
(٦) سورة النساء ـ آية ١٣٠.