لمنعه من المماسة قبل الكفارة ، فهو ممنوع في المس الأول والثاني ، وهكذا ، فكل منهما وجب الكفارة.
وأما الإطعام فأطلقه ولم يشترط فيه ذلك قبل المماسة ، بل ظاهره أنه متى كان كفارته الإطعام فإنه يكفر بعد الظهار تماسا أو لم يتماسا فإنما عليه كفارة واحدة ، لأنه لم يعلق الكفارة على التماس كما في الأولين ، بل قال : فإن لم يستطع التكفير بتلك الكفارتين على الوجه المذكور فكفارته إطعام ستين مسكينا مرة واحدة وإن تماسا وتكرر التماس ، لأنه لم يرتب الكفارة على التماس ليلزم تكررها بتكرره ، بل الموجب لها إنما هو الظهار ، والواجب فيه كفارة واحدة ، والتعدد غير مستفاد من الآية في هذه الكفارة.
وأما الأخبار التي أوردوها دليلا لابن الجنيد فلا دلالة في شيء منها على هذا التفصيل الذي ادعى ابن الجنيد من تخصيص محل خلافه مع الأصحاب بكفارة الإطعام ، بل هي مطلقة كإطلاق الأخبار الدالة على القول المشهور ، ولا فرق في شيء منها بين الكفارات ، إلا أن تلك دلت على التعدد مطلقا وهذه دلت على وحدة الكفارة مطلقا عتقا كانت الكفارة أو صياما أو إطعاما ، فهي غير موافقة لابن الجنيد لأنه يخص ذلك بما إذا كان الكفارة إطعاما ، وهذه الأخبار مطلقة ، وحملها على خصوص الإطعام كما يقوله ابن الجنيد تعسف محض وتكلف صرف لا يساعد عليه شيء من عبائرها وألفاظها.
نعم الواجب الكلام في الجمع بين هذه الأخبار ، وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حمل الأخبار الأول على الاستحباب ، ثم إنه استشكل ذلك باعتبار صحة روايتي الحلبي وأبي بصير بناء على ما قدمنا نقله عنه من حكمه بصحتها ، والتأويل فرع المعارضة وإلا فالعمل على الترجيح بالصحة.
والشيخ ـ رحمة الله عليه ـ قد حمل الأخبار الأخيرة الدالة على عدم تكرار