لما دلت عليه أخبار الباب. وبالجملة فإن ما ذكره مجرد وهم نشأ عن قصور التتبع للأخبار كما عرفت.
الثاني : اختلف الأصحاب في تحديد السن الذي به تكون المرأة يائسة لاختلاف الأخبار ، ونحن قد حققنا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في باب الحيض من كتاب الطهارة (١) فمن أحب الوقوف عليه فليرجع إلى الكتاب المذكور.
الثالث : قد صرح الأصحاب بأنه لو رأت المطلقة الحيض مرة ثم بلغت اليأس أكملت العدة بشهرين.
واستدلوا عليه بما رواه ثقة الإسلام في الكافي والشيخ عنه في التهذيب (٢) عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليهالسلام «في امرأة طلقت وقد طعنت في السن فحاضت حيضة واحدة ثم ارتفع حيضها ، فقال : تعتد بالحيضة وشهرين مستقبلين ، فإنها قد يئست من المحيض».
وعلل أيضا بأن الوجه في ذلك حكم الشارع عليها بوجوب العدة قبل اليأس وقد كانت حينئذ من ذوات الأقراء ، فإذا تعذر إكمالها لليأس المقتضي انتفاء حكم الحيض مع تلبسها بالعدة أكملت بالأشهر لأنها بدل عن الأقراء كما تقرر فيجعل لكل قرء شهر.
والأولى أن يجعل هذه وجها للخبر المذكور لا علة مستقلة لما قدمنا لك في غير موضع من أن أمثال هذه التعليلات لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية ، ولو فرض بلوغها حد اليأس بعد أن حاضت حيضتين احتمل إكمال العدة بشهر كما هو مقتضى ما دلت عليه الرواية المذكورة ، ولكن الأصحاب اقتصروا على مورد الرواية ، ولا تكاد توجد عدة ملفقة من الأمرين إلا هذه ، وإنما لم تجعل من انقطع
__________________
(١) الحدائق ج ٣ ص ١٧١.
(٢) الكافي ج ٦ ص ١٠٠ ح ١١ ، التهذيب ج ٨ ص ١٢١ ح ١٥ ، الوسائل ج ١٥ ص ٤١٦ ب ٦ ح ١.