المسألة الثالثة : في حكمين مما يتعلق بطلاق الغائب : (إحداهما) لو طلق غائبا ثم حضر ودخل بها ولم يعلمها ثم بعد ذلك ادعى الطلاق ، فإنه لا تقبل دعواه ، ولو أقام البينة بالطلاق لم تقبل بينته ، ولو أولدها والحال هذه الحق به الولد للحكم في ظاهر الشرع بثبوت الزوجية.
ويدل على ذلك ما رواه ثقة الإسلام (١) عن سليمان بن خالد قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل طلق امرأته وهو غائب وأشهد على طلاقها ، ثم قدم فأقام مع المرأة أشهرا لم يعلمها بطلاقها ، ثم إن المرأة ادعت الحبل ، فقال الرجل : قد طلقتك وأشهدت على طلاقك ، قال : يلزم الولد ولا يقبل قوله».
وأيده بعضهم بأن تصرف المسلم مبني على الصحة ، فإذا ادعى بعد ذلك ما يخالفه لا يزول ما قد ثبت سابقا.
وأورد عليه بأن تصرفه إنما يحمل على المشروع حيث لا يعترف بما ينافيه ، ولهذا لو وجدناه يجامع امرأة واشتبه حالها فإنا لا نحكم عليه بالزنا ، لكن إذا أقر أنه زان حكم عليه به ، وعلل أيضا بأن الوجه في عدم قبول بينته أنه قد كذبها بفعله.
وأورد عليه أنه إنما يتم إذا كان هو الذي أقامها ، فلو قامت الشهادة حسبة ، وورخت بما ينافي فعله ، قبلت وحكم بالبينونة.
نعم يبقى الكلام في إلحاق الولد بهما أو بأحدهما ، وهو مبني على ما تقدم في الكلام في الأولاد من اعتبار العلم بالحال وعدمه ، والظاهر هو العمل بالخبر المذكور ، والمفهوم منه أنه لا يقبل قوله وإن أقام البينة. ويمكن الفرق بين ما نحن فيه وبين الاعتراف بالزنا ، بأن الاعتراف بالطلاق مستلزم لدفع أحكام الزوجية الواجبة عليه بظاهر الشرع ، فهو في معنى الاعتراف في حق غيره ، فلا يقبل بخلاف الزنا ، فإنه حق لله سبحانه محضا أو مشتركة في بعض الوجوه.
__________________
(١) الكافي ج ٦ ص ٨٠ ح ٥ ، الوسائل ج ١٥ ص ٣٧٤ ب ١٥ ح ٤.