ولا مرية تعتريه سواء فسرنا العدالة بالملكة كما هو المشهور بين المتأخرين ، وهو الذي ذكره هنا ، أو حسن الظاهر الذي دل عليه صحيح ابن أبي يعفور (١) كما هو المشهور بين متأخري المتأخرين ، فإنه على أي منهما إنما يبنى فيهما على ما يظهر للتابع ومعتقد العدالة من الاتصاف بذلك الصفات التي تضمنها الخبر مع عدم ظهور ما ينافيها ، وإنما الاشكال ومحل البحث بالنسبة إليه هو في نفسه.
وتوضيحه : إن من علم من نفسه الفسق مع كونه على ظاهر العدالة بين الناس ، فهل يجوز له الدخول في الأمور المشروطة بالعدالة ، وتقلدها من الإمامة في الجملة والجماعة والشهادة والجلوس في مجلس الحكم والقضاء بين الناس ونحو ذلك أم لا؟
ظاهر شيخنا المذكور ذلك ، واقتضاه فيما ذكره هنا من الصورتين المذكورتين بعض مشايخنا المعاصرين وتوقف آخر (٢) ، وفي الكفاية وافقه في
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٤ ح ١.
(٢) المقتفى له في الصورتين شيخنا الشيخ سليمان البحراني في بعض أجوبة المسائل بعد التردد ، والمتوقف شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح ـ قدسسرهما.
قال المحدث المذكور : ولو نواها يعني الإمامة وعد نفسه من أحد الشاهدين وكان تائبا عن المعاصي جاز له ذلك ، أما لو كان مصرا على المعاصي مرتكبا للكبائر فإشكال ، وللأصحاب فيه قولان أحدهما الجواز ، لان المدار انما هو على اعتقاد المؤتم أو المطلق ، وبناء للأمور على الظاهر دون الباطن ، ومن حيث انه إغراء للقبيح لانه عالم بفسق نفسه ، فكيف يتقلد ما ليس له ، خصوصا في الجماعة الواجبة كالجمعة؟ والأحكام الشرعية انما خرجت على الظاهر إذا لم يمكن الاطلاع على الباطن ، وهو مطلع على حقيقة الأمر ، والأول أوفق بالقواعد الأصولية ، الا أنه لما لم يكن نص في المسألة فاعتقادى الوقوف عن الحكم والعمل بالاحتياط في العلم والعمل ، ورد ما لم يأتنا به علم من أهل العصمة صلوات الله عليهم ، لقول الصادق عليهالسلام : ارجه حتى تلقى امامك ، وان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في المهلكة ، انتهى. (منه ـ قدسسره ـ).