إن شاء الله تعالى.
وأما الإجماع فقد نقله غير واحد ، وكيف كان فتفصيل الكلام في هذا الفصل وتحقيق ما اشتمل عليه يقع في مواضع :
الأول : لا خلاف في أن الرجعة تقع بالقول والفعل ، والأول إجماعي من الخاصة والعامة ، والثاني إجماعي عندنا ، ووافقنا عليه بعض العامة ، والقول إما صريح في معنى الرجعة كقوله راجعتك وارتجعتك ، وأصرح منه إضافة قوله إلى نكاحي.
قال شيخنا الشهيد الثاني في الروضة ـ بعد أن ذكر هذه الألفاظ الثلاثة وأنها صريحة في الرجعة ـ ما لفظه : وفي معناه رددتك وأمسكتك لورودهما في القرآن ، قال الله تعالى «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ». «فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» (١) ولا يفتقر إلى نية الرجعة لصراحة الألفاظ ، وقيل : يفتقر إليها في الأخيرين لاحتمالهما غيرهما (٢) كالإمساك باليد أو في البيت ونحوه ، وهو حسن.
قال سبطه السيد السند في شرح النافع بعد نقل ذلك عنه : أقول قد بينا فيما سبق أنه لا بد من القصد إلى مدلول اللفظ الصريح وقصد المعنى المطلوب في غيره ، وإنما يفترقان في أن التلفظ بالصريح يحكم عليه بقصد مدلوله من غير احتياج إلى إخباره بذلك ، والتلفظ بغيره لا يحكم عليه بقصد المعنى المطلوب منه إلا مع اعترافه بذلك أو وجود القرينة الدالة عليه ، فقوله إنه لا يفتقر مع الإتيان براجعتك إلى نية الرجعة لا يخلو من تسامح. انتهى ، وهو جيد ، لأن الإتيان بالألفاظ في الرجعة أو غيرها مجردة عن نية المعنى المراد منها ، وقصده لا يقع إلا من عابث أو ساه أو نائم ، وإلا فالعقلاء إنما تورد الألفاظ في كلامهم ومحاوراتهم مقرونة بقصد معانيها المرادة منها. نعم ، فهم السامع تلك المعاني المرادة قد لا يتوقف على شيء وراء مجرد ذلك اللفظ ، وهو الصريح في معناه الذي
__________________
(١) سورة البقرة ـ آية ٢٢٨ و ٢٢٩.
(٢) والصحيح «غيرها».