المطلقة والمتوفى عنها زوجها ما تعده من أيام أقرائها وأيام حملها ، أو أربعة أشهر وعشر ليال. وعرفها شيخنا الشهيد الثاني في المسالك (١) بأنها شرعا اسم لمدة معدودة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو التفجع على الزوج ، وشرعت صيانة للأنساب وتحصينا لها عن الاختلاط ، والأصل في وجوب العدة قبل الإجماع الآيات القرآنية والأخبار المعصومية عليهمالسلام.
قال عز شأنه «وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ» (٢) «وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» (٣) «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً» (٤) «ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها» (٥).
وأما الأخبار فهي متواترة متكاثرة وستمر بك ـ إن شاء الله تعالى ـ في الأبحاث الآتية.
قال في المسالك (٦) واعلم أن المدة المستدل بمضيها على براءة الرحم تتعلق تارة بالنكاح ووطء الشبهة وتشتهر باسم العدة ، واخرى بملك اليمين ، وإما حصولا في الابتداء أو زوالا في الانتهاء ، وتشتهر باسم الاستبراء ، والنوع الأول منه ما يتعلق بفرقة بين الزوجين ، وهو حي كفرقة الطلاق واللعان والفسوخ ، ويشمله عدة الطلاق لأنه أظهر أسباب الفراق ، وحكم العدة وطء الشبهة حكمها ، وإلى ما يتعلق بفرقة تحصل بموت الزوج وهي عدة الوفاة ، انتهى.
أقول : والكلام في هذا الفصل يقع في مقامات : الأول : أجمع العلماء من الخاصة والعامة على أنه لا عدة على الزوجة الغير المدخول بها ، سواء بانت بطلاق أو فسخ
__________________
(١ و ٦) مسالك الافهام ج ٢ ص ٣٤ مع اختلاف يسير.
(٢) سورة البقرة ـ آية ٢٢٨.
(٣) سورة الطلاق ـ آية ٤.
(٤) سورة البقرة ـ آية ٢٣٤.
(٥) سورة الأحزاب ـ آية ٤٩.