الكفارة على من فعل ذلك جاهلا ، واستدل عليه بصحيحة محمد بن مسلم (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «الظهار لا يقع إلا على الحنث ، فإذا حنث فليس له أن يواقعها حتى يكفر ، فإن جهل وفعل كان عليه كفارة واحدة».
أقول : والتحقيق أن الرواية الاولى من الروايات الأخيرة وهي صحيحة زرارة (٢) ليست مما ذكروه في شيء. وإنما المعنى فيها ما قدمنا ذكره من الحمل على ما إذا كان الظهار مشروطا بالمواقعة ، بأن قال : أنت علي كظهر أمي إن واقعتك ، فإنه لا تجب عليه الكفارة إلا بعد المواقعة ، ولا يحصل الحنث الموجب لها إلا بذلك.
وأما حسنة الحلبي (٣) فليس فيها إلا أنه إذا واقع قبل أن يكفر فليستغفر الله وليمسك حتى يكفر. ولا دلالة فيه على أنه يكفر كفارة واحدة ، بل هي أعم من الواحدة والاثنتين ، وحينئذ فيحمل على الكفارتين جمعا بين الأخبار المفصلة ، وعلى هذا فتنحصر في رواية زرارة ، وهي لا تبلغ قوة في معارضة تلك الأخبار ، فيجب حملها على ما ذكره الشيخ من الجاهل الناسي وبذلك يظهر قوة القول المشهور.
وأما ما ذكره في المسالك بعد استبعاده ما ذكرناه من المحامل ، فقال : وقول ابن الجنيد لا يخلو من قوة ، وفيه جمع بين الأخبار ، إلا أن الأشهر خلافه ففيه ما عرفت آنفا من أن قول ابن الجنيد لا تعلق له بهذه الروايات الأخيرة ، لأنه يفصل في الكفارة بين العتق والصوم وبين الإطعام ، فيوجب التعدد كما ذكره الأصحاب في الأولين ويوجب الواحدة في الثالث ، وهذه الأخبار ليس فيها إشارة
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ١١ ح ١٢ ، الوسائل ج ١٥ ص ٥٢٨ ب ١٥ ح ٨.
(٢) الكافي ج ٦ ص ١٥٩ ح ٢٩ ، الوسائل ج ١٥ ص ٥٢٩ ب ١٦ ح ٢.
(٣) الكافي ج ٦ ص ١٥٦ ح ١٤ ، الفقيه ج ٣ ص ٣٤٣ ح ٨ ، التهذيب ج ٨ ص ١٨ ح ٣٤ ، الوسائل ج ١٥ ص ٥٢٦ ب ١٥ ح ٢.