في صحة صلاة النافلة ، والإحرام شرط في دخول الحرم ، ولا يصدق على شيء من هذه الشروط اسم الواجب بالمعنى المتعارف منه ، وهو ما يذم تاركه أو يعاقب على تركه ، فإن تارك الكفارة لو لم يطأ لا إثم عليه ، ولو وطأ أثم على وقوع الوطء على هذا الوجه لا على ترك الكفارة. كما أن من صلى النافلة من غير طهارة يعاقب على إيقاع الصلاة كذلك لا على ترك الطهارة ، وهذا الوجوب بهذا المعنى يسمى عندهم بالوجوب الشرطي ، لأنه لا يترتب على تركه ما يترتب على ترك الواجب ، وإنما وجوبه عبارة عن شرطيته في صحة ما جعل شرطا له ، وعلى هذا القول يدل ظاهر الآية ، فإن قوله عزوجل «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا» غاية ما يدل عليه توقف إباحة التماس على تحرير الرقبة ، لا وجوب التحرير بمجرد إرادة التماس.
وبالجملة فإن مجرد إرادة العود مع عدم وقوع الوطء منه ولا التكفير لا يوجب حصول العصيان ، والموجود في الآية تحرير الرقبة قبل التماس ، وهذا لم يحصل منه مماسة بالكلية.
وعلى ذلك يدل أيضا ظاهر صحيحة الحلبي (١) المتقدمة قريبا فيمن يظاهر امرأته ، ثم يريد أن يتم على طلاقها «قال : ليس عليه كفارة ، قلت : إنه أراد أن يمسها ، قال : لا يمسها حتى يكفر» فإن غاية ما تدل عليه أن جواز المس متوقف على التكفير ، فمتى لم يمس لا يستقر عليه وإن أراد ، ومرجعه إلى أن التكفير شرط في جواز المس ، وهو المراد من الوجوب الشرطي الذي ذكرناه ، لا الوجوب المستقر بالمعنى المتعارف. ونحوها أيضا صحيحة جميل (٢) ورواية أبي بصير (٣) المتقدمتان بالتقريب المذكور.
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ١٨ ح ٣١ ، الوسائل ج ١٥ ص ٥٢٧ ب ١٥ ح ٤.
(٢ و ٣) الكافي ج ٦ ص ١٥٥ ح ٩ و ١٠.