الخروج عما حكموا به ثمة إلا ما ربما يدعى من الإجماع هنا على العموم ، وظاهره في المسالك أن تردد المصنف إنما هو لذلك حيث قال : إنا لا نعلم مخالفا من أصحابنا في دخولهم هنا ، وإنما تردد المصنف لضعف الدليل ، ومن أصوله ـ رحمة الله عليه ـ أنه لا يعتد بحجية الإجماع بهذا المعنى كما نبه عليه في مقدمة المعتبر ، وهو الحق الذي لا يحيد عنه المنصف ، انتهى.
أقول : قد أجاد بما أفاد ولكنه قد خالف نفسه في ذلك في غير موضع كما لا يخفى على من مارس كلامه وتتبع كتابه ، وكيف كان فالحكم على ما اخترناه بحمد الله سبحانه واضح لا شك فيه ، ولا ريب يعتريه ، وأما ما عدا من ذكرنا من الأقارب فقد صرح الأصحاب بأنه لا تجب النفقة عليهم بل يستحب ، ولا سيما إذا كان وارثا ونقل العلامة في القواعد قولا بوجوب النفقة على الوارث ، وأسند شراحه هذا القول إلى الشيخ ، مع أنه على ما نقل عنه في المبسوط قطع باختصاصها بالعمودين ، وأسند وجوبها للوارث إلى الرواية وحملها على الاستحباب وأنكر جملة ممن تأخر عنه الوقوف على هذه الرواية.
أقول : يمكن أن تكون الرواية المذكورة هي ما رواه الشيخ في التهذيب (١) عن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «اتي أمير المؤمنين عليهالسلام بيتيم فقال : خذوا بنفقته أقرب الناس إليه من العشيرة كما يأكل ميراثه».
ويؤكدها ما تقدم في آخر صحيحة محمد الحلبي (٢) برواية صاحب الفقيه ، والشيخ في الاستبصار حملها على الاستحباب ، أو على ما إذا لم يكن وارث غيره إن مات كل واحد منهما ورث صاحبه ولم يكن هناك من هو أولى منه ، وبهذا التقريب
__________________
(١) الكافي ج ٤ ص ١٣ ح ٢ ، التهذيب ج ٦ ص ٢٩٣ ح ٢١ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٣٧ ح ٤.
(٢) الفقيه ج ٣ ص ٥٩ ح ١ ، الاستبصار ج ٣ ص ٤٤ ح ٤ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٤٧ ح ٦.