وهذه الرواية واضحة الاسناد والدلالة على الاكتفاء بشهادة المسلم في الطلاق ولا يرد أن قوله «بعد أن يعرف منه خيرا» ينافي ذلك ، لأن الخير قد يعرف من المؤمن وغيره ، هو نكرة في سياق الإثبات لا يقتضي العموم ، فلا ينافيه مع معرفة الخير منه بالذي أظهر من الشهادتين والصلاة والصيام وغيرها من أركان الإسلام أن يعلم منه ما يخالف الاعتقاد الصحيح لصدق معرفة الخير منه معه ، وفي الخبر ـ مع تصديره باشتراط شهادة عدلين ثم اكتفاؤه بما ذكر ـ تنبيه على أن العدالة الإسلام وإذا أضيف إلى ذلك أن لا يظهر الفسق كان أولى ، انتهى.
قال سبطه في شرح النافع بعد نقل ذلك عنه : هذا كلامه ـ رحمهالله ـ وهو جيد ، والرواية الاولى مع صحتها دالة على ذلك أيضا ، فإن الظاهر أن التعريف في قوله عليهالسلام فيها «وعرف بالصلاح في نفسه» للجنس لا للاستغراق وهاتان الروايتان مع صحبتهما سالمتان من المعارض فيتجه العمل بهما.
أقول : أشار بالرواية الاولى إلى ما قدمه في كلامه من استدلاله لهذا القول بصحيحة عبد الله بن سنان (١) قال : «قلت للرضا عليهالسلام : رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبين ، قال : كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته». ثم أورد رواية أحمد بن محمد بن أبي نصير وأردفها بكلام جده المذكور في تقريب الاستدلال بها من قوله «وهذه الرواية واضحة الإسناد. إلخ».
وأنت خبير بأنا قد قدمنا في بحث صلاة الجمعة من المجلد الثاني في الصلاة (٢) تحقيق الكلام في هذا المقام ، وأحطنا بأطراف النقض والإبرام ، وأوضحنا ما في كلام هذين الفاضلين من البطلان الظاهر لجملة الأفهام ، وأنه من أفحش الأوهام الناشئة عن الغفلة وعدم التدبر لأخبار أهل الذكر عليهمالسلام ، إلا أنه ربما عسر
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨ ح ١٨ ، التهذيب ج ٦ ص ٢٨٣ ح ١٨٣ ، الوسائل ج ١٨ ص ٢٩٠ ب ٤١ ح ٥ وما في المصادر «عبد الله بن المغيرة».
(٢) الحدائق ج ١٠ ص ١٢.