الزكوات لهم ، كما ورد في تفسير (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) ، وقد تقدمت الأخبار بذلك في كتاب الزكاة ، وفي بعضها ، فأمر الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم ، ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به ، وإن كان أصحابنا لم يطلعوا على هذه الأخبار ، حيث فسروا (الْمُؤَلَّفَةِ) في آية الزكاة بالتأليف للجهاد ، ومورد الأخبار المذكورة أنما هو التأيف للبقاء على دين الإسلام والتصديق به كما قدمنا تحقيقه في الكتاب المذكور.
السادس : قال في المسالك : لو تلفظ بالطلاق ثم قال كنت مكرها وأنكرت المرأة ، فإن كان هناك قرينة تدل على صدقه بأن كان محبوسا أو في يد متغلب دلت القرينة على صدقه قبل قوله بيمينه ، وإلا فلا.
ولو طلق في المرض فقال كنت مغشيا على أو مسلوب القصد لم يقبل قوله إلا ببينة تقوم على أنه كان زائل العقل في ذلك الوقت ، لأن الأصل في تصرفات المسلم الصحة إلى أن يثبت خلافها ، وإنما عدلنا في دعوى الإكراه عن ذلك بالقرائن لظهورها وكثرة وقوعها ، ووضوح قرائنها بخلاف المرض ، انتهى.
أقول : ما ذكره من قبول قوله «بيمينه» في المسألة الاولى مع انضمام القرائن المذكورة إلى الدعوى مقطوع به في كلام الأصحاب ، واحتجوا عليه بأن القصد إلى العقد والرضا به شرط في صحة العقد. لكن لما لم يمكن الاطلاع على الرضا غالبا إلا باللفظ الدال عليه اكتفى الشارع به إذا لم تقم قرينة على عدم الرضا ، أما مع وجود القرينة الدالة على انتفائه فلا يكفي التعويل على دلالة اللفظ لانتفاء الدليل عليه ، والأصل عدمه.
وأما ما ذكره في المسألة الثانية من عدم قبول قوله «إلا بالبينة» فهو على إطلاقه محل نظر ، وذلك لأنه إن طابق الظاهر فالأمر كما ذكره ، وإن ظهر من حال المريض اضطراب واختلاط كعدم انتظام كلامه وتغير أحواله ثم ادعى زوال العقل والحال كما فرضنا فإن الظاهر قبول قوله ـ لعين ما ذكر في المسألة الأولى ـ اعتمادا على القرائن في الموضعين.