الفرق ، ويحتج عليه بالخبر الصحيح ، وهو الفارق بين الكتابة واللفظ المشترك في السببية بين الغائب والحاضر ، فكيف يدعى عدم تأثير الغيبة والحضور؟ وبذلك انقطع الأصل الذي ادعوه ، وثبت سببية الطلاق.
وأما دعوى ترجيح الأول بموافقة الأصل والشهرة في العمل ففيه : أن الصحيح مقدم على الحسن ، فلا تعارض ، ثم إن المقيد مقدم على المطلق ، انتهى.
أقول : ما ذكره ـ رحمهالله ـ وإن ترائي أنه جيد ، ولذا تبعه فيه جملة ممن تأخر عنه كالمحدث الكاشاني في المفاتيح والفاضل الخراساني في الكفاية ، إلا أنه لا يخفى على المتتبع أن الذي عهد من الشارع في أبواب العقود والإيقاعات والإقرارات ونحوها إنما هو الألفاظ والأقوال الدالة على هذه المعاني دون مجرد الكتابة ، ولهذا لم يجوزها أحد بالكتابة ، ويبعد اختصاص الطلاق بهذا الحكم لعدم ظهور خصوصيته له بذلك ، ويعضده ما ورد في بعض الأخبار إنما يحرم الكلام ، ويؤكده أيضا الحصر في أنت طالق المستفاد من الروايات المتقدمة حسبما تقدم تحقيقه ، فإنه كما يكون الحصر في هذه الصيغة موجبا لنفي ما سواها من الصيغ اللفظية فكذلك الكتابة ، لأنها عندهم من جملة الصيغ الموجبة للطلاق. هذا مع ما في تحقق الشهادة في هذه الصورة من الإشكال ، فإن الإشهاد إنما يطلق حقيقة على سماع لفظ الطلاق من المطلق ، فإنه بمجرد سماع ذلك منه يجب بشهادة الشاهدين الحكم عليه بوقوع الطلاق.
وأما في الكتابة حيث قيدوها بالقصد إلى الطلاق الذي لا يعلم إلا بإقراره واعترافه ، فيشكل الشهادة على مجرد رؤية الكتابة حال الكتابة أو بعدها ، على أن ما ذكره من جواز كون منعه عليهالسلام من وقوع الطلاق لعدم النية بالكتابة ، أو لعدم العلم بالنية أو الحضور جمعا بين الأخبار مدخول بأن قوله عليهالسلام «ليس ذلك بطلاق حتى يتكلم به في صحيحة زرارة ، وقوله في صحيحة ابن أذينة «ليس بشيء حتى ينطق به» ظاهر في أن عدم الصحة إنما استند إلى عدم النطق والتكلم