ونحوها رواية أبان بن تغلب (١) ورواية هشام بن سالم (٢) كما تقدم جميع ذلك في المسألة المذكورة.
وقد استشكل جملة من متأخري المتأخرين بناء على هذه القاعدة في العمل بهذه الأخبار ، وهو مجرد استبعاد عقلي في مقابلة النصوص ، فإن الدلالة على هذا الحكم غير مختص لهذه الأخبار لما عرفت مما تلوناه من الأخبار المذكورة ، فإنها صريحة في رد القاعدة المذكورة وبمضمونها قال الأصحاب : فلا وجه لهذا الاستشكال ولا مستند لهذه القاعدة إلا مجرد العقل ، وإن دل بعض الأخبار في بعض الجزئيات على ما تضمنته ، إلا أنه ليس على وجه كلي يوجب كونه قاعدة كلية ، والأحكام الشرعية توقيفية تدور مدار الأدلة الشرعية وجودا وعدما ، وإن اشتهر بينهم ـ رضوان الله عليهم ـ تقديم الأدلة العقلية على الأدلة النقلية حتى أنهم في الكتب الاستدلالية تراهم في جملة الأحكام إنما يبدأون بالأدلة العقلية ثم يردفونها بالأدلة النقلية ، وهو غلط محض كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في جملة من زبرنا.
وبالجملة فإن الظاهر مما تلوناه من الأخبار المذكورة هو عدم الاعتماد على هذه القاعدة ، إلا أن تحمل على ما قدمنا ذكره آنفا من القصد ولو في الجملة ، وبه تنطبق على هذه الأخبار كما لا يخفى على ذوي الأفكار ، وفي هذه المسألة توهمات أخر قد بينا فسادها في كتابنا «الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية» من أحب الوقوف عليها فليرجع إليه.
(ومنها) ما لو كان عليه دين قد بريء منه بالأداء إلى صاحبه ، أو إبراء صاحبه من ذلك الدين فادعى عليه وخاف من دعوى الأداء أو الإبراء أن تنقلب اليمين إلى المدعي لعدم البينة فأنكر الاستدانة من رأس ، فإنه يجوز له أن يحلف على ذلك بشرط التورية ليخرج من الكذب على ما صرح به الأصحاب من غير خلاف يعرف.
__________________
(١ و ٢) الكافي ج ٥ ص ٤٥٥ ح ٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٧٠ ب ٢٠ ح ٢ و ٣.