وإن أرادوا بذلك أنه لا يفتقر إلى محل يقومه ؛ فهو أيضا باطل على أصلهم ، فإن الخشونة ، والملاسة صفة عرضية. وموضوعها سطح الجسم عندهم ، والسطح على أصولهم عرض ؛ إذ هو نوع من الكمّ. وكذلك السرعة ، والبطء. صفة عرضية ؛ وهى صفة للحركة عندهم ؛ والحركة عرض.
وإن كان الثانى : فهو أيضا باطل ؛ فإن الجسم عندهم موضوع للكم ؛ وهو الأبعاد العرضية ، ومع ذلك لا وجود للجسم دون الأبعاد التى هى الكمية.
كيف وأنا قد بينا اتصاف ذات الرب ـ تعالى ـ بما يجب له من الصفات (١) التى بينّاها ؛ وذاته متقومة بذاته غير مفتقرة إلى ما يقومها ؛ وهى مقومة لما قام بها من الصفات. بمعنى أنه لا وجود لصفاتها ، دون قيامها بها ؛ وليست صفات الربّ عرضا.
وإن كان الثالث : فلا بد من تصويره والدّلالة عليه.
وأما المعتزلة : فإنهم قالوا بناء على أصلهم أن ذوات الأعراض ثابتة فى العدم غير قائمة بالجواهر ، وإنما يقوم بها فى حالة وجودها.
والعرض هو الّذي يقوم بالجوهر حال وجوده ؛ وهو فاسد ؛ إذ هو مبنى على أن الوجود زائد على ذات الموجود ، وهو باطل على ما يأتى فى مسألة المعدوم (٢). ثم هو منتقض على أصولهم بفناء الجوهر ؛ فإنه عرض ؛ وهو غير قائم بالجوهر (٣).
وينتقض أيضا على أصول بعض البصريين (٤) القائلين بإرادة قائمة لا فى محل ؛ فإنها عرض ؛ وليست قائمة بالجوهر. وينتقض على أصل أبى الهذيل (٥) حيث أنه قال بوجود [بعض] (٦) أنواع كلام الله ـ تعالى ـ لا فى محل مع كونه عرضا.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الثانى : فى الصفات النفسانية لذات واجب الوجود. ل ٥٣ / ب ـ ١٢٢ / أ.
(٢) انظر ما سيأتى فى الباب الثانى : فى المعدوم وأحكامه ل ١٠٦ / ب وما بعدها.
(٣) قارن بما ورد فى الشامل لإمام الحرمين ص ١٦٧.
(٤) قارن بما ورد فى الشامل ص ١٦٧.
(٥) قارن بما ورد فى الشامل ص ١٦٧.
(٦) ساقط من أ.