وأما أصحابنا : فمنهم من قال : العرض ما كان صفة لغيره وينتقض بالصفات السلبية ؛ فإنها صفة لغيرها ، وليست جواهر ، ولا أعراضا ؛ / إذ الأعراض والجواهر ، أمور موجودة ، والسلوب غير موجودة ، وينتقض بصفات الرب ـ تعالى
فإن قيل : صفات الربّ ـ تعالى ـ غير قائمة بغيرها ؛ فإن ذاته وإن لم تكن هى نفس صفاته ، ولا صفاته نفس ذاته ؛ فليست الذات غير صفاته ، ولا صفاته غير ذاته.
فنقول : وإن لم نقل بالمغايرة بين ذات الرب ـ تعالى ـ وصفاته ؛ فليس معناه إلا أنه لا انفكاك لذات الرب ـ تعالى ـ عن صفاته ولا لصفاته عن ذاته على ما سبق تحقيقه (١).
وعلى هذا فيلزم أن يكون الجوهر بهذا الاعتبار غير مغاير لتحيزه ، ولا تحيزه مغاير له ؛ ضرورة عدم الانفكاك بين الجوهر ، والتحيّز على أصول أصحابنا ، والمعتزلة أيضا.
ويلزم من ذلك أن لا يكون التحيز للجوهر عرضا ؛ لعدم تحقق حدّ العرض فيه ؛ إذ ليس هو صفة لغيره.
ومنهم من قال : العرض هو القائم بغيره : وهو إن أراد بكونه قائما بغيره أنه صفة لغيره ؛ فهو الحد المتقدم وإن أراد به الموجود فى غيره : فيرد عليه صفات الربّ ـ تعالى ووجوه تقريره ما تقدم (٢)
والمختار أن يقال : العرض هو الموجود ، الّذي لا يتصور بقاؤه زمانين وفيه احتراز عن الأعدام ؛ إذ هى غير موجودة. وعن الموجودات من الجواهر ، وذات الربّ ـ تعالى ـ وصفاته ؛ لكونها باقية مع موافقته للاشعار اللغوى ، وهو مطابق لمعتقد أصحابنا فى الأعراض فى كونها غير باقية على ما سيأتى تحقيقه (٣)
ولو قلت : العرض هو الموجود القائم بالجوهر ، فهو أيضا حسن ؛ لكونه جامعا مانعا ؛ لخروج الإعدام منه ، وخروج الجواهر ؛ إذ هى غير قائمة بالجواهر ، وخروج ذات الربّ ـ تعالى عنه وصفاته ؛ فإنها ليست موجودة فى الجوهر.
وإذا عرف المفهوم من لفظ العرض.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الثانى ل ٥٤ / أ.
(٢) راجع ما تقدم فى القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الثانى ـ المسألة الأولى ل ٥٤ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما سيأتى ل ٤٤ / ب وما بعدها.