فلم يبق إلا أن يكون امتناع وجودهما فى جزءين من الجملة باعتبار أمر آخر ؛ وكل ما كان امتناع وجوده بغيره ؛ فهو ممكن بذاته ؛ لأنه مع فرض عدمه باعتبار الغير :
إما أن يكون واجب الوجود بذاته ، أو ممتنع الوجود ، أو جائز الوجود.
الأول : محال ؛ وإلا لما كان معدوما.
والثانى : محال ؛ لأن الممتنع بذاته ، لا يكون ممتنعا بغيره ؛ فلم يبق إلا أن يكون ممكنا باعتبار / ذاته.
والممكن لا يلزم من فرض وقوعه المحال ؛ والمحال لازم ؛ فكان لازما من فرض التعدية لا غير.
وهذا التقرير فى غاية الدقة ، والحسن ؛ ولم يحوم عليه أحد من المتكلمين فى مثل هذا الموضع المشكل ؛ فعليك بتأمله ، والإحاطة به.
الجواب الثانى :
ويخص القائلين : بأن العجز معنى موجود مضاد القدرة : (١)
قلنا : هذا وإن استمر لهم في العلم ، والجهل ؛ فلا يستمر لهم فى القدرة ، والعجز.
فإن كل واحد منهما عندهم : مما يجوز أن يتعدى حكمه إلى الجملة. والواحد منا قد يجد من نفسه العلم الضرورى بقيام القدرة على تحريك الجسم باحدى يديه ، ومن يده الأخرى يعجز عن تحريكه
فلو جاز تعدى حكم كل واحد منهما إلى الجملة ؛ للزم أن تكون الجملة قادرة على تحريك الجسم ، وعاجزة عن تحريكه ؛ وهو محال.
ولا يمكن أن يقال بقيام القدرة باليد الأخرى ، وأن القائم بها إنما هو المنع المضاد للمقدور لا العجز المضاد للقدرة ولا منافاة بين كونه ممنوعا ، وبين كونه قادرا ؛ وإنما المنافاة بين كونه قادرا ، عاجزا.
__________________
(١) من أول (قلنا : عنه جوابان : ... إلى قوله ... مضاد القدرة) ساقط من ب.